إبراهيم عثمان يكتب: أول الانقلاب كذبة!

*الكذب في هذه الحرب التي نتجت عن انقلاب فاشل، ليس أمراً عارضاً، أو طارئاً، أو هامشياً، بل هو كذب تأسيسي بنيوي ابتدرته الميليشيا واستمرت فيه مع أعوانها*:
* *فقد كان الكذب هو محتوى أول بيان أصدرته الميليشيا، وأدخل الناس في أجواء الحرب الدائرة. لم يكن الكذب في فقرة، او أكثر، كان كله من أوله لآخره، كاذباً كذباً صريحاً، متبجحاً، يحتقر العقول، ويهزأ بالجيش ولا يعبأ بعلمه بكذب البيان، ويفتري عليه بتنسيق لم يحدث ــ ولا يمكن عقلاً أن يحدث ــ في “تقدم” انتهى بمحاصرة مطار مروي!.*
* *لو كان البيان قد ذكر سبباً لمحاصرة المطار، لأعطى الناس مجالاً للتفكير في احتمال أن تكون المحاصرة ليست مقدمة لانقلاب/ حرب، وربما تكون هي عملية ضغط محدودة بمكانها وموضوعها، ولأعطاهم هذا أملاً بأن الانقلاب/ الحرب مستعبدان.*
* *لكن الكذب الصريح في بيان مروي، الذي علم الجميع أنه كذب، والذي لم يحدث أصحابه الرأي العام عن مشكلة محددة يريدون الضغط لحلها، أرسل رسالة قوية مكتملة بأنه كذب تأسيسي/تمهيدي لانقلاب بدأ بالكذب، وسيستمر به!*
* *لم تستطع الميليشيا نفي صحة بيان الجيش الذي نفى “التنسيق”، حيث لم يصدر منها أي رد على بيان الجيش، يكذبه أو يشكك في دقته، أو يدافع عن صحة بيانها، وحتى حلفاءها الذين تعودوا على سد ثغراتها لم يفعلوا ذلك. فكانت النتيجة هي اعترافها بكذبتها ككذبة تأسيسية، جوهرية، خام لا شبهة صدق فيها، ولا إمكانية تبرير أو تفسير أو تلطيف!*
* *إذن لم تبذل الميليشيا أي جهد للفصل بين كذبها في بيان مروي (يشرح أسبابه، أو يبرره، أو يفسره، ليكون بمثابة وعد ضمني مخفف بالتوبة من الكذب)، وروايتها لمسار الأحداث في العاصمة، لتقنع الناس بأن طبيعة بياناتها هنا تختلف عن طبيعة ذلك البيان، ليفكروا في إمكانية تصديقها!*
* *في أول يوم للقتال في العاصمة اعترف حميدتي بأنه كانت لديه خطة جاهزة لاحتلال مطار مروي ومطار الأبيض وكل المطارات العسكرية “عشان ما يضربونا بالطيران”. وهذا فضلاً عن كونه اعتراف بالكذب التأسيسي في بيان مروي، هو اعتراف بالربط بين هذا الكذب والتحرك الميداني في إطار خطة انقلابية تتوقع مقاومة، وتتحسب لها بالتدابير اللازمة!*
* *الاعتماد على مكالمات دفاعية من عبد الرحيم دقلو لبعض الساسة كإثبات لبراءة الميليشيا من الانقلاب/ الحرب في العاصمة لا يكفي حتى لو لم يُعرَف عنه الكذب، فكيف وهو الذي كذَّب، ببيان ميليشياه، قبل أيام وأدعى تنسيقاً مع الجيش في مروي لم يحدث، وأدعى سبباً غير حقيقياً هو “مكافحة الجريمة”؟!*
*كانت النتيجة لكل هذا هي المزيد من التأكيد للحقيقة النظرية التي أكدها الواقع: إن الدفاع الذي يبدأ بالكذب سيستمر به، وهي الحقيقة التي يسلِّم بصحتها الجميع، بمن فيهم الميليشيا وأعوانها الذين يأخذ تسليمهم طابعاً عملياً أقوى من الأقوال، حيث يستمرون في إنتاج الأكاذيب!*
إبراهيم عثمان






