رأي ومقالات

نقاط حول الديناميكيات الإقليمية والصراع السوداني

١/ المسألة ليست بهذه البساطة التي يتحدث عنها البعض وليس بالضرورة أنه اصطفاف مع الجيش وحلفاؤه أو الميليشيا وحلفاؤها بل هي تتعلق بمخاوف سعودية من تمدد الإمارات في أفريقيا وسيطرتها على الثروة والسياسين فيها ولكن الأمر الذي أثار حفيظة السعودية هو محاولة الامارات لعب دور في البحر الأحمر الذي يعتبر خطاً احمرا بالنسبة للسعودية والإمارات تحاول منذ فترة السيطرة على البحار ومنافذها بما في ذلك موانئ بورتسودان وباب المندب في القرن الأفريقي والتحكم في الصومال.

٢/ السياسة الخارجية السعودية والتي لعب الراحل سعود الفيصل دورا كبيرا في تأسيسها تميل إلى الهدوء وحلحلة الامور في الغرف المغلقة وتجنب الدخول في صراعات مباشرة إلا إذا استلزم الأمر ذلك وبالمناسبة سعود الفيصل هو اطول وزير خارجية ظل في منصبه ( ٤٠ عاما) ولا يتوقع ان يحطم وزير خارجية آخر هذا الرقم على الإطلاق.

٣/ السعودية والتي حافظت على مكانتها في الخليج كأكبر الدول في مجلس التعاون ظلت هي الشقيقة الكبرى طوال العقود الماضية ولها الكلمة الأخيرة ولكن يبدو أن الشقيقة الصغرى شبت عن الطوق وانخرطت في مشاريع أخرى بدون التنسيق مع الكبرى وقد نبهت الكبرى الصغرى الباحثة بشوق ولهفة وتسرع للتمدد ويبدو أن السعودية ضاقت ذرعاً بمحاولات تجاوزها والتحرك دون التنسيق معها ورضاها وهذا ليس في الملف السوداني فحسب بل ملفات كثيرة لا تبدأ بملف اليمن ولا تنتهي عند الصومال وتمدد القوى الناعمة من اعلام واستثمار في الدول الكبرى وشراء للنوادي وعمل علاقات خلفية مع سياسين غربيين كبار واستمالتهم وشراء مواقفهم.

٤/ وبالتالي قراءة التحرك السعودي عبر ثنائية هل هو حراك مع معسكر الجيش والقوى المتحالفة معه او مع الميليشيا والقوى المتحالفة معها هو مجرد قراءة رغبوية تعكس حالة الانقسام الداخلي عبر منظار بل بس او لا للحرب، ولكن العالم ينظر للأمر بصورة مختلفة تتعلق بالنفوذ والمصالح والسيطرة والثروات ورسم مستقبل المنطقة برمتها ولا يمكن فهم ذلك بمعزل عن الجيوبوليتيك وديناميكية القوة المتصارعة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
٥/ القيادة التركية قد هرمت واصبحت تميل لعدم الدخول في صراعات فالوضع الداخلي في تركيا معقد ، مصر التي في خاطري تعرف ان خيارها هو دعم الجيش ووحدة السودان ولكن مصر اليوم ليست مصر عبد الناصر ولا مبارك وانما لديها مشاكل اقتصادية كبيرة تجعل قرارها مشلولاً ومرتجفاً فهي تريد ولكن لا تستطيع ، قطر لا تثق في البرهان ، حفتر مجرد بندقية للإيجار وهو يعتبر نسخة راقية من دقلو، الأموال التي تدفقت في إثيوبيا وكينيا وتشاد وزعماء الاتحاد الأفريقي كافية لشراء الذمم في قارة اشتهر رؤساءها بعرض أنفسهم في (بترينات) لمن يدفع أكثر.

٦/ محاولة جعل دقلو (كرزاياً للسودان ) قد فشلت فلا يمكن لشخص صنعه النظام السابق ويرتبط بملف انتهاكات جسيمة أن ينجح في ذلك، كما أن مقدرات عبدالله آدم الشهير بحمدوك لا تسمح له بأن يكون (جلبي السودان) فالرجل ضعيف الشخصية طارئ في الساحة السياسية السودانية لم يكتب مقالاً ولم يدخل سجناً ولم يغبر قدمه في مظاهرة ولا سمع له الناس محاضرة وقد فشل في قيادة الثورة وفشل في تحويل الاجماع السوداني في التغيير الى نهضة شاملة وتوحيد المجتمع وفشل في لعبة فولكر وجعله وصياً على سيادة السودان وفشل في اقناع غوتيريش يفكرة انشاء مناطق آمنة وفشل في حظر طيران الجيش وفشل في مؤتمر باريس وفي شاتام هاوس، وفشل في تقديم استقالته وفشل في التراجع عن تقديم استقالته ، انه الرجل الذي فشل حتى في ان يكون عميلاً ، بل إنه الرجل الذي أتاه المجد متدحرجاً جاهزاً ومعلباً يهرول اليه فركله برجله!

ولذلك فإنني أؤيد بشدة بقاء عبدالله آدم رئيساً لتحالف ما يعرف بصمود والذي كان تحالفاً أوسع اسمه تقدم فلم يصمد وقبله كان تحالفاً أوسع بكثير إسمه قحت فلم يصمد وسيظل في حالة إنشطار أميبي معكوس حتى سيأتي اليوم الذي سيصبح فيه ذلك التحالف أثراً بعد عين وسيبقى الوطن عصياً على البيع في مزادات العمالة والارتزاق.
لؤي المستشار