د. حسن محمد صالح يكتب: تطبيق القانون ضد مثيري الفوضى .. الحِصّة

ما شهدته الخرطوم يوم الجمعة ١٩/١٢ الجاري من تظاهرات وأعمال شغب وإساءات للقوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية، هو عمل من صنائع دولة الشر التي توجه العملاء في الداخل لاستغلال مناسبة عزيزة على الشعب السوداني، وهي ذكرى ١٩ ديسمبر ١٩٥٥م، (إعلان استقلال السودان من داخل البرلمان)، الذي يريدون مسح ذكراه المجيدة بـ«الاستيكة» وإحلال مؤامرة ١٩ ديسمبر من العام ٢٠١٨م مكانه.
ولما كانت فوضى ديسمبر مؤامرة خارجية كاملة الأركان، فإن التآمر لا يتجزأ، ودولة الشر الإمارات حاضرة بمالها الحرام المنهوب من الشعب السوداني، وعملائها، وخلاياها النائمة التي ظلت تتحرك في الظلام، وتنتقل من ولاية إلى أخرى بإمكانات وتعيينات تشبه تعيينات الجيوش، لإحداث الفوضى وإرباك المشهد وصرف الرأي العام السوداني عن معركته الحقيقية ومدنه المحاصرة.
مخطئ من يقول إنهم مدنيون أو ثوار، لأن الثائر لا ينتقم ولا يسب ولا يثير أو يهتف: «الدم قصاد الدم ما بنقبل الدية». ويريدون اليوم إيقاف معارك القوات المسلحة ضد الجنجويد الذين يقتلون الأبرياء والمدنيين، ويغتصبون النساء، ويدفنون المواطنين أحياء، ويجبرونهم على حفر قبورهم بأيديهم. هذا كله لا يحرك فيهم شعرة، ولا يذكرونه إلا قليلاً، وخوفًا من الناس لا من الله، ولا من أجل الوطن وشعبه المظلوم من المليشيا وأعوانها وسدنتها.
هذه العلاقة بين الخارج، ممثلًا في الإمارات، وبين الأحزاب (الأجيرة) في الداخل، جعلت دولة الشر تبلغ مرحلة (تنميط) القوى العاملة معها بنمط واحد، هو الذرائعية، باسم محاربة الحركة الإسلامية أو الكيزان والعسكر، وهم يقصدون القوات المسلحة أو دولة ٥٦، ويقصدون شعب السودان بأسره.
التنميط يمتد إلى تمجيد مؤامرة ديسمبر ضد الوطن، كما ذكرنا آنفًا، مع تلبيس المتعاملين والناشطين حالة من ضعف الإحساس بالوطن وإنسانه، وما يجري فيه من تحديات ومخاطر، وما تمر به البلاد، ويقتضي من هذه القوى الحزبية العميلة الدعوة لوحدة الصف، ثم تأجيل الخلافات السياسية لما بعد دحر العدو المشترك لكل أهل السودان، إلا جماعات صمود وتأسيس.
هذه الرؤية الوطنية الخالصة لا شأن لقوى قحط صلة أو علاقة بها، فهي معادلة وطنية فوق طاقتهم والتزاماتهم للكفيل الممول، وهو يريد تجريد كل الشغيلة (عنده) من الإحساس الزماني المكاني، ومن (الحياء)، ويميت قلوبهم حتى لا يروا إلا تنفيذ ما يريده من أجندة له فيها مآرب كثيرة ضد هذه البلاد العزيزة، السودان، أن يرقص طربًا على جثة هذا المارد الجبار العظيم، صاحب الشأن والهيبة، التي يود نشطاء أحزاب الإمارات إضاعتها وتدمير هيبته تمهيدًا للانقضاض عليه من قبل أعدائه.
النمط الجنجويدي المليشي الصمودي التأسيسي (واحد)، قتل المواطن بالطلقة، وقتل الوطن بالكلمة، وكانوا في فورَتهم يقولون: «الطلقة ما بتقتل، بقتل سكات الزول»، فقرروا أن ينطقوا زورًا ويرفعوا عقيرتهم بالعدوان.
إثارة الفتنة الحالية هي تهيئة لحرب قادمة، بعد أن يدخل المسلحون وعناصر المليشيا وخلاياها النائمة وسط المتظاهرين، ويحدث القتل في صفوفهم، والتهمة جاهزة ضد رجال الأمن والشرطة، كما حدث في السابق على أيدي تسليع الدم، لكي تكسب القضية، كما قالت إحدى ناشطاتهم.
الوجه الثاني للمؤامرة هو إدانات خارجية من منظمات وغيرها، وهذا ما تريده دويلة الشر التي يلاحقها أبناء السودان الخلص في المحافل الدولية والإقليمية، وتعمل الآن عبر عملائها للحصول على فبركات جديدة، بعد أن يختلط الحبل بالنابل تحت مسمى قمع المتظاهرين. وهي مؤامرة شمطاء يجب الانتباه لها، وتطبيق القانون في حق مثيري الفتنة والفوضى من أحزاب وجماعات أضاعت فرصتها في الانتقال بالسودان وتحقيق التحول الديمقراطي، وتريد أن ترمي فشلها وعجزها على الكيزان والحركة الإسلامية والشعب السوداني، بعد أن أشعلت الحرب الدائرة الآن.
ما حدث أمس في أم درمان يمضي على ذات النمط الجنجويدي المليشي في التصوير والبث للأفعال؛ شخص واحد ينتهز فرصة مواطنين خارجين من المسجد بعد صلاة الظهر، يجعل منهم خلفية كأنهم حشد يستمع لما يقوله من هراء.
وآخر يحمل لافتة تحمل اسم جهة تنتمي لمليشيا آل دقلو الإرهابية، يقودها متهم مندس يختبئ في واحد من أحياء الخرطوم.
إن ما حدث أمس الجمعة، وباسم ذكرى فورة ديسمبر، غير مسموح به في بلاد تدور فيها حرب. وفي حالة الحروب يتم تجميد الحريات الصحفية وحرية التظاهر، لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، ويجب على الحكومة أن تطبق القوانين الاستثنائية في كافة المجالات، ولا تسمح للطابور الخامس باختراق الجبهة الداخلية وإضعاف الروح المعنوية للقوات المسلحة وهي تقاتل الأعداء.
الذي يخرج في مظاهرة ضد الوطن وهو في حالة حرب، والذي يرسل مسيّرة لقتل المواطنين وتدمير المنشآت الحيوية، سيّان لا يختلفان، ولا يحدثنا أحد عن حق الناس في التظاهر أو الاحتجاج في ظل الحرب.
الولايات المتحدة، عندما قامت بغزو العراق، منعت الصحفيين من تغطية المعارك ضد الشعب العراقي وجيشه، وسمحت فقط لقناة CNN بالتغطية، و(CNN) الآن في سوق النخاسة الإعلامية مع دولة الشر.
إن حفظ أمن الناس والجبهة الداخلية مسؤولية تقع على عاتق رأس الدولة، الرئيس عبد الفتاح البرهان، القائد العام للقوات المسلحة. هذه القوات الباسلة تخوض معركة الكرامة لتحرير البلاد من دنس التمرد، وعلى البرهان أن يتولى حفظ أمن الشعب وحماية ظهر الجيش، لأن أرواح الجنود والمقاتلين والمستنفرين ليست رخيصة إلى الحد الذي يسمح فيه قائد المعركة الأول بهزيمة جنوده بالطابور الخامس من الداخل.
حتى الآن لم يصدر بيان واضح أو تحذير من الفوضى من السلطات، وكأنهم يقولون للعملاء: هل من مزيد؟.
اللهم احفظ بلادنا. وانصر قواتنا المسلحة.
د. حسن محمد صالح






