رأي ومقالات

مجزرة الفاشر… هل استيقظ العالم أخيراً على حرب السودان؟

⭕بعد دخول مليشيا الجنجويد إلى مدينة الفاشر وارتكابها واحدة من أبشع المجازر، بدا المشهد وكأن العالم استيقظ فجأة من سباته الطويل. مجازر وجرائم لم تكن جديدة على السودانيين، لكنها هذه المرة اقتحمت الضمير العالمي بقوة الدم والصورة والشهادة الحيّة، لتسقط آخر أقنعة الصمت والتجاهل.

⭕منذ بدء الحرب، ظلّ السودانيون يصرخون وحدهم: هذه ليست حرباً بين طرفين متكافئين، بل عدوان منظم تمارسه مليشيا إجرامية على شعب أعزل. لكن المجتمع الدولي آثر الصمت، أو الوقوف في المنطقة الرمادية، مساوياً بين الدولة والمليشيا، وبين الجيش الوطني وعصابات القتل والنهب.

⭕جاءت مجزرة الفاشر لتكسر هذا التواطؤ الأخلاقي، ولتقول للعالم بوضوح: من يقتل المدنيين، ويقصف الأحياء، ويهجر الناس قسراً، لا يمكن أن يكون طرفاً سياسياً، بل مجرماً يجب أن يُعاقب.
⭕منذ سقوط الفاشر، تغيّر الخطاب، الصحف العالمية ووكالات الأنباء باتت تكتب يومياً عن مجازر الجنجويد، وتبحث بلا مواربة في سؤال كان محرّماً: من يموّل هذه الحرب؟ ومن يقف خلف استمرارها؟
لم تعد حرب السودان خبراً هامشياً، بل مادة رئيسية للتحقيقات والتقارير.
⭕أصوات داخل البرلمانات الأوروبية ارتفعت علناً ولأول مرة ، متهمة الإمارات بدعم مليشيا الجنجويد، ليس همساً في الكواليس، بل مواقف مسجلة في جلسات رسمية.

⭕صحف كبرى فتحت ملفات شائكة حول المرتزقة الكولومبيين، وشبكات شركات السلاح، وخطوط الإمداد التي تبقي آلة القتل دائرة في السودان.

⭕دماء أهل الفاشر كشفت زيف الحياد الدولي، وفضحت من حاولوا تبييض وجه المليشيا تحت لافتات السياسة، خاصة مجموعتي (صمود وتأسيس) . لقد أثبتت الفاشر أن هذه الحرب ليست شأناً داخلياً، بل جريمة عابرة للحدود، تُدار بالمال والسلاح والمرتزقة.

⭕لكن السؤال الأهم يبقى:
هل سيكتفي العالم بالكتابة والإدانة؟ أم ينتقل من مرحلة الصحو المتأخر إلى الفعل الحقيقي: محاسبة، وعقوبات، وتجفيف منابع التمويل؟

✒️غاندي إبراهيم