رفضت اللجوء للدستورية وتعهدت بالحفاظ على نيفاشا :ثلاثة أحزاب معارضة ترد على الحكومة وتعلن التصعيد!!
في تصعيد جديد في موقف المعارضة إزاء الجدل الدائر بشأن شرعية السلطة الحالية، قدمت ثلاثة من أحزاب المعارضة أمس جملة دفوعات قانونية وسياسية لتفنيد رد الحكومة على دعوى المعارضة، وقالت إن استمرار الاوضاع بشكلها الحالي يهدد مشاركتها في الانتخابات، ودعت من جديد الى تشكيل حكومة انتقالية لا يحظى فيها حزب المؤتمر الوطني أو الاحزاب الاخرى المشاركة في الحكومة بأنصبتها الحالية، وتعهدت في ذات الوقت بالالتزام بتنفيذ اتفاقية السلام الشامل، وضمان الوضع القائم حاليا في الجنوب وأنصبة الحركة الشعبية والقوى السياسية الجنوبية في الحكومة القومية، وأعلنت عن إتصالات في هذا الصدد ستجريها مع زعيم الحركة الشعبية ، وتوقعت أن يتوصل الملتقى المقترح عقده في جوبا الى اتفاق كافة القوى السياسية على مشروع سياسي واحد يعالج الأزمة بدارفور ويجدد الثقة بين الجنوب وبين القوى السياسية القومية، وذلك بهدف تغليب خيار وحدة البلاد في الإستفتاء المقرر إجراؤه عام 2011م.
وعقد حزب الأمة (الإصلاح والتجديد) مؤتمرا صحفيا أمس بالخرطوم بمشاركة حزبي المؤتمر الشعبي وحزب العدالة (الأصل)، وهو أمر أثار تساؤلات الصحفيين بشأن مواقف الأحزاب السياسية المشاركة في تحالف القوى المعارضة من رد الحكومة الأخير على الدعوى بإنتهاء اجل الحكومة في التاسع من يوليو الحالي، بيد أن المتحدثين عن الاحزاب الثلاثة شددوا على عدم وجود خلاف في التحالف الذي يضم أيضا 17 حزباً معارضاً من بينهم حزب الأمة القومي بزعامة الامام الصادق المهدي والحزب الشيوعي، كما أكدت قيادات الأحزاب الثلاثة على عدم وجود أية خلافات بين بقية القوى السياسية المعارضة وأحزاب التجمع الديموقراطي، وأكدوا ان اتصالات ستجرى مح الحزب الاتحادي الديموقراطي بزعامة مولانا محمد عثمان الميرغني.
وتحدث خلال المؤتمر الصحفي مبارك الفاضل المهدي رئيس حزب الامة الاصلاح والتجديد وكمال عمر الامين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي ومكي علي بلايل رئيس حزب العدالة.
ورد المتحدثون الثلاثة بعنف على تصريحات مساعد رئيس الجمهورية ونائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الدكتور نافع علي نافع، حول شرعية الحكومة، وشرعية الاحزاب المعارضة نفسها، وأكدوا أن إجراء انتخابات نزيهة وحرة ستحدد الاوزان الحقيقية لقوى المعارضة، رافضين اللجوء الى المحكمة الدستورية لفض النزاع القانوني حول شرعية الحكومة، وأعتبروها جهة غير محايدة.
ونوه مبارك الفاضل إلى أن الدفع بانتهاء الشرعية الدستورية لرئيس الجمهورية والحكومة المركزية، والدعوة لقيام حكومة انتقالية قومية يأتي حرصا على استدامة السلام، والوفاء بالعهود حفاظا على سلامة الوطن ووحدته من خلال الالتزام بالمكاسب التي نالها الجنوب من اتفاق السلام الشامل وما ترتب عليها من إجراءات سياسية واقتصادية وأمنية وعسكرية.
واتهم حزب المؤتمر الوطني بالنكوص عن كافة التزاماته في اتفاق السلام الشامل، وسائر الاتفاقات، وتعطّيل عملية الانتقال من الشمولية وأهمل بناء أسس الوحدة الجاذبة حتى انتهت الفترة الانتقالية الدستورية المحددة في الدستور بأربع سنوات والتي كان من المؤمل أن تعقبها انتخابات تنهي نسبة الـ 52% لصالح المؤتمر الوطني في الحكم، ونسبة الـ 14% التي قال ان المؤتمر الوطني تلاعب بها واستخدمها كرشوة سياسية، وحمل الحزب الحاكم كامل المسئولية عن تداعيات هذا النكوص.
ورأى الفاضل أن المخرج لهذه الأزمة يتطلب تشاورا واسعا بين القوى السياسية بما فيها الحركة الشعبية لتحرير السودان لتشكيل إدارة انتقالية قومية على مستوى المركز لانفاذ اتفاق السلام الشامل، وتحقيق السلام في دارفور، وإجراء الانتخابات العامة مع الابقاء على الوضع في الجنوب ومشاركة الجنوب في المركز كما نصت على ذلك اتفاقية السلام الشامل.
وفي رده على بيان وزير العدل بشرعية الحكومة، قال الفاضل إن الدفع الأساسي الذي اعتمده الوزير في شرعية ودستورية رئيس الجمهورية هو المادة 57) ) من الدستور، حجة مردودة، وان النص خطف وانتزع من سياق النصوص الأخرى السابقة واللاحقة له، معتبرا تناوله بمعزل عن سائر النصوص منهج غير علمي، مشيرا الى أن المادة (57 ) من الدستور لا صلة لها برئيس الجمهورية للفترة الانتقالية الأولى (الرئيس الحالي) المنتهية ولايته في 9 يوليو 2009م، مؤكدا أن النص خاص برئيس الجمهورية المنتخب، ويستند في هذا القول على النصوص السابقة واللاحقة لهذا النص حيث نصت المادة 51 على تكوين رئاسة الجمهورية، ونصت المادة 52 على رئيس الجمهورية المنتخب، ونصت المادة 53 على أهلية رئيس الجمهورية، ونصت المادة 54 على ترشيح وانتخاب رئيس الجمهورية، ونصت المادة 55 على تأجيل انتخابات رئيس الجمهورية، ونصت المادة 56 على قسم رئيس الجمهورية المنتخب، ثم نصت المادة 57 على اجل ولاية رئيس الجمهورية، ونصت المادة 58 على اختصاصات رئيس الجمهورية الأمر الذي يعني أن نص المادة 57 من الدستور تتحدث عن رئيس الجمهورية المنتخب وليس رئيس الجمهورية الحالي الذي انتهت شرعيته الدستورية في 9 يوليو 2009 وفقا لنص المادة 216 من الدستور والتي تحدد بصورة قاطعة أجل المرحلة الانتقالية الأولى وانتهاء ولاية رئيس الجمهورية، كما أغفل الإشارة إلى نص المادة 55 (1) (2) والتي تتحدث عن انتخابات رئيس الجمهورية في حالة تعذر قيامها في مدة أقصاها 60 يوما من اليوم الذي كان مقررا فيه اجراء الانتخابات على أن يكون الرئيس خلال هذه المدة رئيسا بالوكالة.
وأضاف أن المادة 90 من الدستور تتحدث عن اجل مجلسي الهيئة التشريعية القومية أيضا خاصة بالمجلسين التشريعيين المنتخبين وليس المجلسين الحاليين، ويؤيدنا في ذلك السياق الذي جاءت فيه هذه المادة والنظر إلى المواد السابقة واللاحقة حيث نصت المادة 84 على تكوين المجلس الوطني من أعضاء منتخبين في انتخابات حرة ونزيهة، كما نصت المادة 85 على تكوين مجلس الولايات من ممثلين لكل ولاية ينتخبان بواسطة المجلس التشريعي للولاية، ونصت المادة 86 على أهلية عضو الهيئة التشريعية القومية. في حين أن الهيئة التشريعية الحالية تحكمها نصوص المواد 117، و 118 من الدستور وليس المادة 90 كما أشار إلى ذلك وزير العدل.
وأعتبر أن الحديث عن ضرورة أن ينص الدستور على جزاء جراء مخالفته حديث لا يتفق مع الفقه الدستوري السليم حيث أن الدستور يحدد مبادئ وموجهات ومواقيت وحقوق وحريات وأن اي تجاوز لهذه الأمور يعد خرقا للدستور، ويجعل من العمل او الاجراء المتجاوز لنصوص الدستور عملا أو اجراءا غير دستوريا وفاقدا للشرعية الدستورية، موضحا أن بقاء مؤسسات الحكومة بعد انقضاء أجل قيام الانتخابات العامة المحدد له يوم 9 يوليو 2009 وهو نهاية الفترة الانتقالية الأولى يعني بقاءا متجاوزا للدستور وفاقدا للشرعية الدستورية.
وقال إنه بما أن حكومة الوحدة الوطنية تكتسب شرعيتها من تشكيل رئيس الجمهورية لها فإنها تدور في فلكه من حيث الشرعية الدستورية وعدمه.
وقال مبارك الفاضل إن الحديث عن المقاطعة او المشاركة في الانتخابات سابق لأوانه، لكنه أكد ان استمرار الاوضاع الحالية سيهدد المشاركة في الانتخابات.
ودعا المفوضية القومية للانتخابات للعمل من أجل تهيئة المناخ المناسب لإجراء الانتخابات، معتبرا هذه العملية من صميم مهامها التي نص عليها قانون الإنتخابات.
وفي ذات السياق، دعا رئيس حزب العدالة الاصل مكي علي بلايل الى تشكيل حكومة انتقالية تقوم بحل الازمة في دارفور والازمة الاقتصادية وتشرف علي قيام انتخابات حرة ونزيهة، واتهم المؤتمر الوطني بالسيطرة على موارد البلاد والاستفادة منها في استعداداته لخوض الانتخابات.
وأعتبر بلايل رد الحكومة بشأن شرعية الحكومة، ضعيفا وغير دستوري، وقال ان المعارضة لن تلجأ الى المحكمة الدستورية لأنها ليست جهة محايدة.
من جهته، أعتبر الامين السياسي للمؤتمر الشعبي أن بيان وزير العدل حول شرعية الحكومة، يتعلق برؤية المؤتمر الوطني وحده، مؤكدا رفض حزبه اللجوء الى المحكمة الدستورية بشأن دعوى المعارضة بعدم شرعية الحكومة، وقال انها جهة غير محايدة.
وأستبعد أن تقوم الحكومة بتصعيد حملتها ضد المعارضة عبر إجراءات قانونية تستهدف قيادات المعارضة، وقال إن الظروف السياسية لا تلائم تحرك من قبل الحكومة ضد المعارضة.
واتهم المؤتمر الوطني بخرق الدستور في عدم التزامه بتنفيذ اتفاقية السلام الشامل والعمل على تأجيل الانتخابات، وتجاوز وثيقة الحريات والحقوق التي هي جزء من الدستور الانتقالي لعام 2005م.
ورد على تصريحات مساعد رئيس الجمهورية ونائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الدكتور نافع علي نافع، حول شرعية الحكومة، وشرعية الاحزاب المعارضة نفسها، أكد أن إجراء انتخابات نزيهة وحرة ستحدد الاوزان الحقيقية لقوى المعارضة، ودعا مسجل الاحزاب السياسية للرد على دعوى عدم شرعية الأحزاب التي قامت بالتسجيل وفقا للمادة 40 من قانون الاحزاب السياسية.
خالد سعد :الصحافة