تحقيقات وتقارير

بعد صدور لائحة الأسس : مواطنو الكلاكلة القلعة : التخطيط مجحف

أثار المقال الذي نشرته الصحافة (القراء) بتاريخ 92 مايو الماضي بقلم الكاتب قمر الدولة الفكي تحت عنوان «لماذا لا تكون البداية بحي الكلاكلة القلعة» والذي جاء تعليقا على التصريحات التي ادلى بها والي ولاية الخرطوم الدكتور عبد الرحمن الخضر في احتفاء محلية جبل اولياء بشخصه والتي تناولت معالجة قضايا السكن العشوائى والتخطيط بالمحلية اثار المقال المذكور ردود افعال واسعة ومتباينة في اوساط جماهير المحلية عامة واهالي الكلاكلة القلعة بصورة خاصة.
الصحافة تعمد في المساحة التالية تسليط الضوء على هذا الامر فجلست لاعضاء لجنة التخطيط الذين يملكون وثيقتين من الاهمية بمكان احداهما خاصة بالاسس التي اجازها وزير التخطيط والتنمية العمرانية السابق الدكتور شرف الدين بانقا والثانية خاصة بالاسس التي وضعها المهندس عبد الوهاب محمد عثمان الوزير الحالي … اهالي الكلاكلة القلعة عبروا عن الحزن الذي اعتصرهم بسبب تجاهل وزير التخطيط العمراني المهندس عبد الوهاب محمد عثمان الوصول معهم لحلول عادلة تحفظ حقوق مواطني الحي لينعكس هذا التجاهل في معاناة المواطنين الذين تعطلت مصالحهم وسلبت حقوقهم الشرعية والدستورية والقانونية بسبب حجز املاكهم وحيازاتهم ومنعهم التصرف فيها بأمر سلطات التخطيط الغائب والمفقود حتى اضحى المواطن يعاني الظلم والقهر والقيود والسلاسل التي تكبله وتشل حركته وتمنعه ممارسة كافة حقوقه التي كفلها له الدستور.
رب يوم بكيت منه فلما مضى بكيت عليه!
في خضم الحوار حدثني احدهم ذاكرا صدر البيت اعلاه في اشارة لا تغيب عن فطنة القارئ بانهم في الماضي بكوا من الاسس التي وضعها الوزير السابق شرف الدين واعتقدوا انها ظالمة فلما ترجل الوزير جاء خلفه بأسس جديدة دفعتهم للبكاء على سابقتها.
شتان بين الإثنين
الذي يطالب الاسس التي اجازها د. بانقا ويقارنها بالاخيرة يشعر بمدى الظلم الذي تعرض له المتضررون باحياء العزوزاب وودعجيب والدباسين والكلاكلة القلعة ويشعر بالفارق الكبير ويجزم بأن الوزير انحاز للدولة بصورة تامة ولم يولِ المواطن البسيط الذي ارتبط اجداده بهذه المنطقة من جنوب الخرطوم لحقبة تجاوزت الخمسمائة عام حيث يعود تاريخ هذه الاحياء للسلطنة الزرقاء وسؤالنا هل تحتاج الدولة لوزير يناصرها على مواطن لا يملك قوت يومه؟
أسس التعامل مع المتضررين
تتحدث الاسس التي اجازها د. بانقا وتلك التي وضعها المهندس عبد الوهاب محمد عثمان عن كيفية التعامل مع الفئات المتضررة من التخطيط وحصرتهم في اربع فئات جاءت على النحو التالي : صحاب الملك الحر، اصحاب القطع المسجلة عند التسوية باسم الحكومة وعليها توصية بالحكر واصحاب التعديات وهم اصحاب القطع المسجلة باسم حكومة السودان وليس عليها توصية بالحكر والمواطنون الذين يقيمون في قطع مسجلة باسم حكومة السودان وليس بها توصية بالحكر وليس بها مباني مكتملة ولا يوجد بها سكن حقيقي.
كيف تعاملت الأسس الأولى؟
جاء بالاسس التي اجازها د. بانقا بتوصية من مكتب اعادة تخطيط قرى جنوب الخرطوم استناداً على قانون التخطيط العمراني والتصرف في الاراضي لسنة 1994م ما يلي:
اولاً : الحد الادني للتعويض العيني للجزء المتأثر بإعادة التخطيط هو (100 م . م) فقط حيث يتم تعويض الحكر متر مربع بمتر مربع ويضاعف للملك الحر «اى متر مربع بمترين مربعين» .
ثانيا : اذا كانت هناك قطعة تحمل نمرة منفصلة في سجل التسوية وتقل عند الحد الادنى (100م . م) ولا تقل عن (150 م . م) وتأثرت كليا بالتخطيط يتم تعويضها بقطعة واحدة بمساحة 300م . م .
ثالثاً : في حالة الاضافات بعد التخطيط من المشارع او من الجار تعالج كالآتي : يدفع مبلغ ألف جنيه للمتر المربع الملك الحر ويدفع مبلغ الف جنيه للمتر المربع للحكر على ان يكون الحد الادنى للاضافة (600 م . م) ومازاد عن ذلك يدفع بسعر الفؤاد التجاري.
يتم تعويض الانقاض والمباني لاصحاب الحقوق المسجلة وفقا للتقييم الذي تقرره لجنة التقديرات المكونة من مهندس المجلس ومهندس المساحة وعضو لجنة التخطيط على ان يكون التعويض عينا بواقع المتر المربع وحسب سعر الوزارة بالجدول وتقييم الارض بسعر اليوم !
يمنح الشخص المعوض فرصة ابتداءً من تاريخ التعويض لازالة المباني المتأثرة واخلاء الموقع من العوائق فيما لا يتعدى اسبوعين من تاريخ الاعلان والا على اللجنة ازالة المباني عند انتهاء الفترة وتحميل الشخص المعوض تكاليف الازالة.
ففي حالة الملاك المسجلين بالملك الحر ومتأِثرين جزئيا بالتخطيط اقل من الحد الادني 100 م . م تجمع تعويضاتهم بحيث يعوض المتر المربع بواقع متر مربع.
بالنسبة للقطعة المسجلة باسم حكومة السودان وعليها مباني لاشخاص اقاموها بعد التسوية تكمل اجراءات التسجيل لهم كحد اقصى 400 م. م . ومازاد عن ذلك يضاف لهم بالقيمة .

اذا كانت القطعة مسجلة باسم حكومة السودان وعليها مباني تأثرت جزئياً بالتخطيط لا يتم تعويض صاحبها عن اي ازالة جزئية بل يظل في المساحة المتبقية بعد التخطيط.
اذا كانت القطعة مسجلة باسم حكومة السودان وعليها مباني تأثرت كليا بالتخطيط يعوض الشخص قطعة واحدة بمنطقة اخرى بعد تحصيل الرسوم المقررة ولا يعوض على الانقاض !
تلك هي الاسس التي اجازها السيد د. بانقا فما هي الاسس التي وضعها الوزير عبد الوهاب؟
ياله من ظلم فاق حد المعقول
جاء بالاسس التي اعتدمها الوزير عبد الوهاب محمد عثمان دون توصية من اي جهة ودون اشارة الى اى قانون ما يلي:
يتم التعويض العيني للمتأِثرين باعادة التخطيط من اصحاب الملك الحر وفقا للشروطة الآتية:
(أ) ان تكون المساحة المتأثرة لا تقل عن 200 م . م.
(ب) ان تكون المساحة المتأثرة مسجلة وقت التسوية بالملك الحر.
في هذه الحالة يكون التعويض العيني المتر المربع بمتر مربع اذا كان التعويض داخل المنطقة الخاضعة للتخطيط اما اذا كان التعويض خارج المنطقة يكون التعويض بالقيمة وحسب تقديرات لجنة التصديقات المالية!
وفي حالة اضافة اى مساحة تنتج من اعادة التخطيط لاى قطعة يجب على من اضيفت اليه دفع سعر المساحة المضافة بالسعر المحدد بلائحة الاسعار السارية وقت السداد وفقا لتصديق لجنة التصديقات المالية.
تعويضات المتأثرين من أصحاب الحكر
بالنسبة لتعويضات الحكر فقد جاء بالاسس ما يلي :
اذا كانت القطعة مسجلة في كشف التسوية باسم حكومة السودان وعليها توصية بالحكر لصالح المواطن وعليها مباني ومنشآت تكون المعالجة وفقا للآتي:
(أ) اذا لم تتأثر القطعة باعادة التخطيط وكانت مساحتها لا تزيد عن الـ (300 م . م) تسجل باسم المواطن بالقيمة التي تحددها لجنة التصديقات المالية واذا كانت مساحتها تزيد عن الـ (300 م . م) يجب على المواطن دفع قيمة المساحة الزائدة بالسعر التجاري.
اذا كانت المساحة المتبقية بعد التخطيط لا تقل عن الـ (200 م . م ) تسجل باسم المواطن ولا يعوض عن المباني والمنشآت وفاقد المساحة .
اذا كانت المساحة المتبقية بعد التخطيط تقل عن الـ (200 م . م) يمنح المواطن قطعة بمساحة لا تقل عن الحد الادني المسموح بالتسجيل على ان تدفع قيمتها بسعر اللائحة الساري وقت السداد بعد تصديق لجنة التصديقات المالية!
وفي باب التعديات جاء اذا كانت القطعة مسجلة باسم حكومة السودان وليست عليها توصية بالحكر وبها مباني ومنشآت وسكن حقيقي يجوز للمدير العام بناء على توصية اعادة التخطيط المعالجة وفق الضوابط التالية :
(أ) اذا ازيلت المباني كليا نتيجة التخطيط وثبت ان المواطن لم يمنح قطعة او منزل باى وسيلة من وسائل المنح من قبل الدولة يمنح قطعة بالمنطقة الخاضعة للتخطيط ان وجدت شريطة دفع القيمة بسعر اللائحة بعد تصديق اللجنة اما اذا كان المواطن قد منح قطعة او منزل من قبل الدولة باى وسيلة من وسائل المنح يمنح قطعة بمنطقة التعويضات ان وجدت على ان يدفع قيمة القطعة بالسعر الاستثماري التجاري (اى السعر النهائى).
اذا ازيلت المباني جزئيا وكان الجزء المتبقي لايقل عن (200 م . م) تسجل القطعة باسم المواطن شريطة دفع القيمة بسعر اللائحة الساري بعد تصديق لجنة التصديقات المالية وذلك اذا كان المواطن لم يمنح قطعة ارض او منزل من قبل الدولة باى وسيلة من وسائل المنح اما اذا منح قطعة ارض او منزل من قبل الدولة يدفع قيمة المساحة المتبقية بالسعر الاستثماري التجاري.
اذا كان الحائز الذي قام بتشييد المباني على القطعة قد تعوض لا تستحق الورثة اى تعويض على انه يجوز للوزير بناء علي توصية المدير العام ان يمنح الورثة الذين لم يسبق منحهم قطعة ارض من قبل الدولة وفق هذه الاسس على ان يراعي في الحالات المذكورة اعلاه اسس المنح بالخطة الاسكانية!
اذا كانت القطعة مسجلة باسم حكومة السودان وليست بها توصية بالحكر وليس بها مباني مكتملة وليس بها سكن حقيقي تؤول القطع لحكومة السودان ويتم تحويل مدى الحيازة للخطة الاسكانية وفق الضوابط المعمول بها في الخطة الاسكانية.
يتم التعويض على المباني والمنشآت المتأثرة بالتخطيط لاصحاب الملك الحر فقط ووفقا للتقييم الذي تحدده لجنة التقديرات والتقييم.
يتم التعويض وفق الآليات التالية:
اولا : منح اصحاب الملك الحر ـ ثانيا تعويض اصحاب الحيازات التي بها توصية بالحكر ـ ثالثا الحيازات على الاراضي المسجلة باسم الحكومة وبها مباني .
من خلال استعراضنا للاسس التي اجازها د. بانقا وتلك التي اعتمدها الوزير عبد الوهاب محمد عثمان نقف على الفارق المزهل والاخيرة قضت على كل بارقة أمل في حصول مواطني الكلاكلة القلعة علي تخطيط حضاري وفق تعويضات عادلة ومنصفة ولعلنا نقف على الفارق من خلال ما يلي :
فقد حددت اسس الوزير د. بانقا بأن تكون تعويضات الملك الحر للقطعة التي لا تقل عن 100 م . م بواقع المتر بمترين بينما اشترطت اسس الوزير عبد الوهاب ان لا تقل مساحة القطعة الملك الحر عن 200 م . م وبواقع المتر المربع بمتر مربع!
اما بالنسبة للاراضي المسجلة باسم حكومة السودان وعليها توصية بالحكر فقد حددت الاسس الاولى المساحة بـ (400 م . م) وان يكون التعويض متر مربع بمتر مربع بينما اشترطت الثانية بأن تكون المساحة 300 م . م وتسجل باسم المواطن بالقيمة التي تحددها لجنة التصديقات المالية واذا زادت عن الـ 300 م . م يجب على المواطن دفع قيمة المساحة الزائدة بالسعر التجاري!
وحددت الاولى ان يتم تعويض اصحاب الملك واصحاب التوصية بالحكر بينما اشترطت الاثنية ان لا يعوض المواطن عن المباني والمنشآت.
وهناك الكثير من الفوارق بين الاساسين التي يشيب لها الولدان وتشير الى الحيازة الثانية للدولة على حساب المواطن البسيط.
هل تم تعديل القانون واللائحة؟
ومن واقع الفوارق المزهلة بين اسس بانقا واسس عبد الوهبا تدور في ذهن المواطن العديد من الاسئلة المشروعة وعلى رأسها هل تم تعديل قانون 1994م واللوائح الصادرة بموجبه ام ظل على ماهو عليه؟ وان كان د. بانقا قد استند على قانون 94 فعلى اى قانون استند الوزير عبد الوهاب حتي اصدار اسسه الظالمة؟ وهل لهذه الاسس قوة القانون واللائحة ام انها تعبر عن وجهة نظر الوزير عبد الوهاب؟ وهل تم اشراك المواطن المتأثر بالتخطيط حتى وضع هذه الاسس ام تم تجاهله تماماً؟ وهل قام السيد الوزير عبد الوهاب بتطبيق هذه الاسس على قريته الواقعة بشمال الجزيرة ام خص بها اهل الكلاكلة؟ وهل يرى السيد الوزير عبد الوهاب إن القانون يمكن ان يفرق بين مواطن ومواطن ام ان الجميع امامه سواسية؟ وكيف يجوز ان يتم تعويض مواطنين حتى في الحي الواحد «العزوزاب» بلائحتين مختلفتين تماما لينال الاول تعويضا مجزيا وليجبر الثاني علي الشرب من مياه البحر المالحة؟ وكيف يمكن ان يحدث كل ذلك في دولة تحكم بشرع الله؟ واين ضاعت العدالة سيدي الوزير؟
تاريخ الكلاكلة ضارب في الأعماق!
يعود تاريخ الكلاكلة الى عهد السلطنة الزرقاء اى الى حوالي (500 سنة) وهي اسبق الي الوجود من العاصمة الخرطوم التي كانت عبارة عن قطاطي من القش ولقد تم تحديد الحدود الجغرافية للكلاكلة بسلاح الذخيرة «حالياً» شمالا وعد حسين شرقاً والدخينات جنوبا والنيل الابيض غربا وتوجد بحوزتنا مستندات تاريخية تثبت ذلك لذلك فإن الاراضي الواقعة داخل هذه الحدود هي ملك للكلاكلة شرعا لقوله صلي الله عليه وسلم «من احى ارض ميتة فهي له» رواه ابو داؤود والنسائى بمعنى انه مالك لها واحق بها وتفسير هذا الحديث الشريف هو ان احياء الارض الميتة يعني اعمارها بالزراعة والسكن وجعلها صالحة للاستعمال وهذا ما ينطبق على ارض الكلاكلة التي احياها اهلها بالزراعة والسكن معا.
ولقوله صلي الله عليه وسلم ايضا ً«من اعمر ارضا ليست لاحد فهو احق»روته السيدة عائشة رضي الله عنها !
وقوله صلي الله عليه وسلم «من احاط حائطاً ارض فهي له» رواه ابو داؤود .
تسوية ظالمة
من خلال هذه الاحاديث الشريفة يتضح لنا وبالدليل القاطع ان التسوية التي اجريت على اراضي الكلاكلة الزراعية والسكنية عام 67 تسوية ظالمة وغير عادلة ولم تراع الحقوق التاريخية لأهل الكلاكلة في اراضيهم ولقد استغلت التسوية طيبة بعض اهالي الكلاكلة بصورة بشعة وفي الوقت الذي كان ينصب عليها ان تسجل كل الاراضي بالملك الحر في اسماء اصحابها سجلت بعض بالملك الحر والاخرى بالحكر الامر الذي يتنافي مع تعاليم الدين الاسلامي الحنيف ومع احاديث الرسول صلي الله عليه وسلم ولقد تعذر الدولة في ذلك الوقت باعتباراها لا تحكم بقوانين الشريعة فما بال الدولة الآن وهي تسعي لتطبيق احكام الشريعة على الجميع.
الوزير يخالف الشرع وقرارات القضاء!
ان الاسس الثابتة ومخالفة لتعاليم الشرع وتخالف قرارات القضاء بدل ان التسوية اشرف عليها قاضي سوداني وهو الذي اوصي قبل حوالي الاربعين سنة بان تسجل الاراضي الحكر باسم صاحب المباني القائمة عليها ووفقا للمساحة المشار اليها في السجل «صغرت هذه المساحة ام كبرت» ولم تعترض اى جهة وبما في ذلك الدولة على هذا القرار ولم يتم استثناؤه وبالتالي اصبح قراراً نهائياً واجب التنفيذ فكيف يحق للسيد الوزير ان يبطل هذا القرار القضائى الذي تجاوز عمره الاربعين سنة!
ويتوالى الظلم على أهالي الكلاكلة
ولقد قامت الدولة ومنذ اواخر السبعينيات وحتي اليوم بنزع الاراضي الزراعية المملوكة لاهالي الكلاكلة دون مشورتهم او رضائهم ودون ان تمنحهم التعويض المجزي مما يعد مخالفة للشريعة ودليلنا على ذلك ما قام به رسول الله صلي الله عليه وسلم مطلع هجرته المباركة الى المدينة المنورة.
= ذكر ابن هشام السيرة ثبت ان الرسول صلى الله عليه وسلم عندما هاجر وبركت نافعة حيث قال لهم «اتركوها فانها مامورة». كان اول ما فعله صلى الله عليه وسلم ان سألهم «لمن هذه الارض»؟ اي مبرك الناقة لانه اتخذها مسجدا له.. فقيل له: انها لغلامين يتيمين في المدينة من ابناء الانصار هما سهل وسهيل فساومهما في ثمنها فقالا له نهبها لك يا رسول الله فابى الا ان يشتريها فاشتراها بدنانير اداها من مال ابو بكر رضي الله عنه ويستفاد من هذه الواقعة انه صلى الله عليه وسلم لم يغفل عن ملكية الارض بل ان اول سؤال يخطر بباله هو لمن هذه الارض ثم ابى الا ان يدفع ثمنها برضى مالكيها.
كيف تعامل ابن الخطاب مع صاحب ارض اراد نزعها لتوسعة الحرم الشريف؟
يحدثنا المفكر الاسلامي الكبير والمؤرخ الاستاذ خالد محمد خالد في سفره العظيم «خلفاء رسول الله» عن قرار ينوي سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ان يتخذه يقضي بنزع ارض مجاورة للمسجد النبوي الشريف بغرض توسعته فيقول لقى سيدنا عمر بن الخطاب سيدنا العباس يوما وقال له لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته يريد ان يزيد في مسجده وان دارك قريبة من المسجد فاعطنا اياها نزدها فيه واقطع لك اوسع منها! لاحظ اقطع لك اوسع منها».
= فقال العباس لا افعل.
= قال سيدنا عمر اذن اغلبك عليها!
= فاجابه العباس ليس ذلك لك فاجعل بيني وبينك من يقضي بالحق!
= قال عمر.. من تختار؟
= قال العباس.. حذيفة بن اليمان.
= وبدلاً من أن يستدعي عمر حذيفة الى مجلسه انتقل هو العباس اليه!
= ويعلق المفكر الاسلامي الكبير الاستاذ خالد محمد خالد علي هذه الواقعة النادرة فيقول «اجل فحذيفة الآن يمثل سلطة اعلى من سلطة الخليفة نفسه وانه سيقضي بين الخليفة وواحد من المسلمين اي بين الدولة وواحد من المواطنين.
= وامام حذيفة بن اليمان جلس امير المؤمنين والعباس وقصا عليه الخلاف الذي بينهما.
= فقال حذيفة… سمعت ان نبي الله داؤود عليه السلام اراد ان يزيد من بيت المقدس فوجد بيتا قريبا منه وكان هذا البيت ليتيم فطلبه منه فابى.. فاراد سيدنا داؤود ان يأخذه قهراً فاوحى الله اليه «ان انزه البيوت عن الظلم لهو بيتي».. وتراجع داؤود وتركه!
= فنظر العباس الى عمر وقال «لا تزال تريد ان تغلبني على داري»؟
= فقال عمر «لا».
= قال العباس «ومع ذلك فقد اعطيتك الدار تزيدها في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
احذروا الظلم..
= ونحن اذ نتحدث عن هذه النماذج الاسلامية الرائعة فاننا بالتأكيد وفي ظل دولة الشريعة لا بد ان نطالب القائمين بالامر بضرورة صيانة حقوق مواطنيهم ورد المظالم الى اهلها ولا بد لنا هنا ان نشير الى ما اوردته ام المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من ظلم قيد شبر من الارض طوقه من سبع ارضين..
= وعن ابن موسى رضي الله عنه قال… قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله يملي للظالم فاذا اخذه لم يفلته.. ثم قرأ قول الله «وكذلك اخذ ربك اذ اخذ القرى وهي ظالمة ان اخذه اليم شديد».
صدق الله العظيم.
= وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:لتؤدن الحقوق الى اهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاه الجلحاء من الشاه العرباء».
= وكل هذه الآيات الكريمة والاحاديث الشريفة نسوقها من باب المناصحة لاولي الامر آملين ان يتسع صدر الاخ الوزير عبد الوهاب كما اتسع صدر امير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب ويقبل ان يحتكم اهالي الكلاكة وسيادته للقضاء حتى يفصل بينهم بما يرضي الله ورسوله ويوفر العدالة للجميع هذا هو ما يقبله اهلنا بالكلاكلة ان اصر الوزير على هذه الاسس الظالمة.
قمر الدولة الفكي :الصحافة