الطاهر ساتي
الحزن المتأمل خير من ..( الغضب )
** وهكذا أيضا تحدث مصطفى عثمان ، أي أراد أن يمدح حكومته بطيب خاطر فسبها من حيث لم يحتسب ، أو قل : أراد أن يمدح حال الوطن حاليا ، فلعن أحوال نخبته السياسية الراهنة والسابقة .. وكما جئنا بنص حديث قديم لصديق الأعمش ، فاليكم بنص حديث لحديث مصطفى ، كما وضح فى تسجيل صوتي بموقع الشرق الأوسط ..هكذا تحدث : ( لو كنا نتعامل بالعنتريات لما كان حال السودان اليوم مقارنة مع ما كان حاله من قبل ..هذه الحكومة عندما جاءت إلى السلطة ، الشعب السوداني كان مثل الشحاتين يقوم من صلاة الصبح يقيفوا في الصفوف عشان يتحصل علي جالون بنزين.. أو يقيف في الصف عشان ما يلقي رغيفتين عيش يقدر يعمل بيها ساندويتش لأولاده.. وهو يمشي يأكل عصيدة أو يأكل هناي.. لما جات الحكومة دي ما كان في سكر..الشعب السوداني كان بيشرب الشاي بالجكة.. لما جات الحكومة دي ما كان في طرق.. ما كان في تصنيع.. ) ..هكذا : ( نص الصوت ) ..!!
** وعليه ، حين تقرأ النص بعقلك وذاكرتك ، وليس بحزبك وقلبك ، تكتشف بلا عناء بأن مستشار الرئيس قال : نصف الحقيقة ..نعم ، عشنا زمن صف البنزين ، ولم يعد للبنزين صفا اليوم ولله الحمد .. نعم ، في ذاكرتنا زمن صف الرغيف ، ولم يعد اليوم للرغيف صفا ، ولله الشكر .. نعم ، شربنا الشاي بالجكة – بضم الجيم وليس بفتحها كما ذكر مصطفى – وهى تعني بالنوبية إستخدام البلح بديلا عن السكر ، ولم نعد اليوم نستخدم البلح في الشاى ، ولله الفضل ..نعم ، لم تكن هناك طرقا بذات أميال طرق اليوم ، ولم تكن هناك مصانع بذات كثافة اليوم ، ولله الفضل والشكر والحمد .. نعم ، هكذا يجب أن تكون القراءة المنطقية أو الفهم المنطقى لتلك العامية التي أثارت غبارا فى عيون البعض ، ولهذا الغبار سببا وآخر ، هما مصطفى عثمان ثم الصحيفة .. مصطفى قال : نصف الحقيقة ، أي إنجازات حكومته وإشراقاتها التى أصبحت ملكا للوطن والمواطن ، وغض الطرف عن : النصف الآخر ، أي إخفاقاتها وكوارثها التى تحيط بالوطن والمواطن ..ولو تصالح مصطفى مع ذاته فى تلك اللحظة وتناسى حزبه وحكومته ، وقال ( النصفين معا ) ، لما غضب أحد ، وربما لما سمع بنبأ مؤتمره إلا الحاضرين فى قاعته ..وعليه ، فنصف الحقيقة دون النصف الآخر تسبب فى غضب البعض ، وكذلك الصحيفة ، ليس لأنها نقلت الحديث ، ولكن لأنها نقلته بطريقة ( لا تقربوا الصلاة ..) ولم تكمل .. حيث بذكاء حاد أوبغباء صارخ قالت الصحيفة : مستشار البشير يصف الشعب السودانى بالشحاتين .. ثم نقلت الآتي ( الشعب السوداني كان مثل الشحاتين يقوم من صلاة الصبح يقيفوا في الصفوف عشان يتحصل علي جالون بنزين..) .. ولكن ، للأسف ليس كله ، بل بعضه ، ليقرأ كالآتي : (الشعب السوداني كان مثل الشحاتين ) .. والذي يستمع للحديث كما هو ، وليس كما يهوى ، يدرك بلا عناء بأن صفة ( الشحاتين ) قصد بها المستشار كل من يخرج من منزله فجرا بحثا عن المحسنين .. نعم ، هكذا ورد الوصف فى خطابه المسموع ، ولم يصف به الشعب كما قالت الشرق الأوسط ..وبالمناسبة : طرائق تحرير هذه الصحيفة لأخبار وقضايا السودان ، لاتختلف كثيرا عن طرائق تحرير صحيفة الإنتباهة لأخبار وقضايا الحركة الشعبية وحكومة الجنوب .. فالمهنية الصحفية شئ ، والأجندة الصحفية شئ آخر ، والراشد والرزيقي يعرفان ذلك ، لكنهما يحسبان بأن القارئ ( جهلول )..!!
** نرجع للموضوع .. وأقول ما لم يقله مستشار الرئيس .. أي ، كل الحقيقة .. نعم ، منذ زمن بعيد ، قبل الإنقاذ بكذا سنة ، وإلي يومنا هذا ، منظمات الإغاثة الأجنبية لم تبارح أرضنا ، وكذلك سفن الإغاثة لم تخاصم شواطئ بلادنا ، وكنا فى زمن حرب الجنوب ولا زلنا فى زمن سلام الجنوب ننتظر موعد إنعقاد مؤتمرات المانحين لا لنمنح ولكن لنأخذ ، وكذلك ديون البلد التى تتوارثها الأجيال منذ كذا عهد سابق وإلي هذا العهد لم تنقص جنيها ولادولارا ، بيد أنها تتراكم جلبا وتتعاظم فوائدا .. وعلى ذلك قس الحال العام ، سابقا وحاليا .. ماذا يسمى هذا النوع من الحال ..؟.. فالإجابة هي : الحقيقة المرة التى يجب أن تقال فى كل زمان وفى كل مكان ، حتى يشعر كل مواطن سودانى وكل سياسي سودانى بالحزن المتأمل وليس بالغضب العارم .. فالحزن المتأمل لأي حال مائل قد يكون دافعا للإصلاح ، ولكن الغضب العارم لايزد ذاك الحال إلا ميلا .. وقبل كل هذا ، لا تنسى الشرط الربانى لتغيير ما بقوم ..( أي قوم ) .. .!!
إليكم – الصحافة السبت 21/03/2009 .العدد 5650
ساتي بالنسبة للفقرة الخاصة بتناول صحيفة الشرق الاوسط لاخبار السودان رئيس التحرير هو طارق عبد العزيز الحميد وليس عبد الرحمن الراشد كما ورد في المقال اما بقية المقال صح لسانك.