احلام مستغانمي

تذكر انك بشر .. (2)

تذكر انك بشر .. (2)
إنّ أناساً سطوا على ميزانيات دول بأكملها، وحوَّلوها دون حرجٍ أو حياء إلى ثروات شخصيّة ، موزَّعة على عواصم العالم، يعتقدون حتماً أنهم خالدون ، وأنهم سيُقيمون في كلّ القصور التي امتلكوها ، ويملكون من العمر لإنفاق كلّ الأموال التي نهبوها ، وسيأخذون معهم إلى حيث هم في آخر المطاف ذاهبون ، ما خزّنوا ممّا سرقوه من فم جياع، اؤتُمِنوا أمام الله على قوتهم .
يقول تعالى “وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفّار ”
ولا أظن مثلهم كان يملك من الوقت لعدّ نِعم الله، ولا من الخوف من ملاقاته ليُثابر على شكره. فكيف لنِعم هؤلاء أن تدوم و” بالشكر تدوم النِعم ” .
جميعُنا سمعنا من يقول ” دوام الحال من المحال ” لكن في أعماقنا لا نصدّق هذه الحكمة ، أو نتعظ بها. فالنفس البشريّة في اعتيادها على النِعم، لا تُصدِّق زوالها.
لا غنياً يتوقّع إفلاسه، لا شاباً يرى نفسه ذات يومٍ شيخاً. لا حاكماً يضع في حسبانه زوال الكرسي ، وجاه الحكم، لا المعافَى المتمتّع بنعمة الصحة يضع المرض في حسبانه، ولا العاشق يتوقّع فقدان الحبيب، ولا الحيّ يرى بأمّ عينيه روحه ساعة سكرات الموت .
إنّ مأساة الإنسان تكمنُ في عدم تصديقه لزوال النِعم، لذا قليلون من يستعدّون لخسارتها.
كلّ ما يصنع زهو الإنسان ومباهجه زائل، ووحده المؤمن أو الحكيم الذي خبر غدر الدنيا ، يتعامل مع الشباب ، والحبّ ،والصحة ،والجاه ، والسلطة ،والثراء ، كهدايا يُمكن لله استردادها متى شاء ، لأنها نِعم يختبرنا تعالى بها . وبهذا الامتحان نخسر أو نكسب نعمته الأبديّة : الجـــــّنة .
فيا أيها البشر . . من أحبه الله ذكّره أنّه بشر!

الكاتبة : أحلام مستغانمي