تحقيقات وتقارير

مفاوضات دارفور … تساؤلات ودلالات

احتضان القاهرة لسبع من فصائل التمرد في دارفور بهدف توحيدها طرح العديد من التساؤلات بشأن الخطوة التي جاءت بعد فترة قصيرة من تعليق الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة مباحثات في قطر.
كما يأتي التحرك المصري بعد يومين من مباحثات أجراها الرئيس عمر البشير في القاهرة، بدت أكثر حميمية حيث حضر البشير برفقة نظيره المصري تخريج ضباط في الشرطة المصرية، ورغم ذلك لا يعرف على وجه الدقة ما هو موقف الحكومة السودانية من التحرك المصري.
لكن المحلل السياسي السوداني د. حسن مكي يرى أن «الحكومة السودانية حاضرة في القاهرة من خلال الرئيس البشير وهي على علم تام بما تقوم به مصر في هذا الملف» معتبرا أن «الخرطوم أميل للمبادرة القطرية وقد يكون قبولها بالدور المصري إبراء للذمة وتجاوبا مع المزاج الدولي».
وبعد ثلاثة أيام من المحادثات التي رعتها المخابرات المصرية الناشطة حاليا في الملفات الشائكة وليس الخارجية، قالت القاهرة إنها قدمت خارطة طريق للفصائل من أجل توحيد جسمها التفاوضي لخوض محادثات سلام مع الحكومة السودانية، دون أن يعرف ما إذا كان هذا الجهد منفصلا أم امتدادا لمباحثات الدوحة التي سبق لهذه الفصائل أن رفضت المشاركة فيها كل حسب مبرراته.
كما أن التوقيت المصري كان ملفتا للانتباه، إذا إنه جاء بعد فترة قصيرة من تعليق محادثات الدوحة التي ترعاها قطر في وقت تشهد فيه علاقات القاهرة والدوحة فتورا واضحا على خلفية عدة ملفات على رأسها قضية غزة حتى بدا التحرك المصري حسب محللين وكأنه تشويش على الدور القطري في ملف دارفور.
ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم د. الطيب زين العابدين أن مصر ربما لا تكون مرتاحة للدور الإقليمي القطري خاصة في ملفي فلسطين والسودان، لذلك يمكن اعتبار الخطوة المصرية أيضا «غيرة» وربما سوء تفاهم.
وأضاف «مصر تريد دورا في السودان وهي ترى كل الدول لديها تحرك بالملف السوداني، خاصة أن مصر تعتبر السودان حديقة أمنها الخلفية».
كما يعتقد د. مكي أن الدافع المصري للتحرك قد يكون إحساسا بالتهميش من قوى صغيرة في المنطقة بدأت تمسك بملفات كبيرة.
وقد انتقدت حركة العدل والمساواة بصورة غير مباشرة الخطوة المصرية ووصفتها بـ»التحركات الفوضوية» واشترطت الانضمام لها، مشيرة في بيان إلى أنها لن تسمح بمنبر غيرها للحديث عن ملف دارفور.
واتسم موقف القاهرة من مجمل قضية دارفور منذ اندلاعها قبل نحو ست سنوات بعدم الوضوح والتأرجح، ففي مرحلة ضاقت بمتمردي الإقليم وطردتهم خاصة بعد هجوم أم درمان في مايو العام الماضي، كما أنها أغضبت الخرطوم عندما تناقلت الأنباء تخطيطها لعقد مؤتمر دولي حول دارفور في مارس الماضي.
بيد أن واقع فصائل دارفور التي تشرذمت بعد اتفاق أبوجا في مايو 2006، على أسس عرقية وفكرية زاد من تعقيدات التوصل إلى تسوية جديدة مع الحكومة السودانية.
والقضية الأخرى التي تطرح نفسها هي مدى قوة هذه الحركات على الأرض في دارفور خاصة أنها جميعا خرجت من رحم حركتي العدل والمساواة التي تقول الحكومة إن لها علاقات بحزب المؤتمر الشعبي بزعامة د.حسن الترابي وجيش تحرير السودان المحسوب هو الآخر على الحركة الشعبية لتحرير السودان الشريك الحالي للمؤتمر الوطني في الحكم.
ويعتبر د. زين العابدين الفصائل التي شاركت في حوار القاهرة صغيرة وليس لها تأثير في غياب حركتي العدل والمساواة وجيش تحرير السودان بزعامة عبد الواحد محمد نور المقيم في باريس.
ورغم اعتراف القيادات التي حضرت اجتماع القاهرة بالأثر السلبي لانشقاقات الحركات التي وصل عددها إلى ما يقارب ثلاثين على قضية دارفور، فإن مهمة توحيدها ليست بالأمر السهل، فالعديد من هؤلاء لديهم ارتباطات دولية وإقليمية إذ يوجدون حاليا في العديد من دول الجوار مثل ليبيا وإريتريا وتشاد وكينيا بجانب عواصم الغرب باريس ولندن وواشنطن.
«الجزيرة نت»

عبد الله آدم :الصحافة