تمويل المزارع بيد والأخرى لانتزاع “حواشته”
يحكى أن فترة التسعينيات هي الفترة التي شهدت الانتشار المفاجئ لأخبار حبس المزارعين على ذمة قضايا تتعلق بتمويل بنكي من أحد البنوك، في وقتها كان البنك الزراعي على رأسها، ولم يكن مألوفا قبل تلك الفترة إلقاء القبض وحبس سجن صغار المزارعين، ممن يمتهون هذه المهنة بشكل أساسي، ويعتمدون عليها في حياتهم، بما يعني أنهم لا يزرعون بأهداف استثمارية ضخمة بقدر ما يسعون لتأمين ضروريات الحياة، إلى أن ظهر لهم التمويل البنكي مترافقا مع حالة التدهور الاقتصادي والتذبذبات المناخية وتآمر الآفات فوجدوا أنفسهم بلا إرادة مساقين إلى الحبس مقابل تمويل مالي لا تسنده أي ضمانات في بلد بدأ يهمل الزراعة رويدا رويدا.
قال الراوي: في تلك الفترة وما تلاها من فترات لاحقة بات طبيعيا وفي مختلف ولايات السودان، التي تعتمد الري النهري أو تلك التي تعتمد على الأمطار؛ صار طبيعيا أن تسمع بأن المزارع فلان قد تم إلقاء القبض عليه لفشله في الإيفاء بمتطلبات القرض البنكي (مالي عيني)، ورغم أن المصير بالنسبة للكثير من المزارعين أصبح شبه مكشوف في ظل التراخي الذي يواجه القطاع الزراعي ألا أنهم كانوا مستعدين لـ(المقامرة) على أمل أن (تلفق) معهم ضربة حظ وينجح موسمهم الزراعي لذلك العام..
قال الراوي: صورة من خطاب متداولة على موقع التواصل الاجتماعي إن صح تعكس واقعا خطيرا ومأسويا ينتظر المزارعين في مشروع الجزيرة، والخطاب عبارة عن إقرار يوقع عليه المزارع، ويؤكد من خلاله موافقته على التنازل من (حواشته) في حال فشله في سداد التمويل البنكي الذي سيقدم له خلال هذا الموسم الزارعي (محصول القمح لعام 2014)؟!
قال الراوي: الخطاب الكارثي إن صح منسوب إلى إدارة مشروع الجزيرة، والمدهش والذي يدعو للمفارقة أنه يبدأ بهذه الكلمات: “أقر في حالة فشلي الظروف الطبيعية في سداد تكلفة محصول القمح….. بالموافقة على نزع حواشتي بواسطة إدارة مشروع الجزيرة”.. هل تعتقد إدارة المشروع أن الظروف التي تدفع المزارع للموافقة على مثل هذه الشروط يمكن أن تكون طبيعية بأي حال من الأحوال؟
ختم الراوي؛ قال: كيف يمكن لإدارة مشروع زراعي تساعد مزارعيه بالتمويل وفي نفس الوقت تهددهم بانتزاع مزارعهم (حواشاتهم) منهم إن لم يعيدوا إليها (المساعدة)؟
استدرك الراوي؛ قال: هذا الخطاب إن صح فهذه عملية نهب عديييييل كدا.
أساطير صغيرة – صحيفة اليوم التالي