إدارة المطار.. قرار خاطئ
لماذا لا نُسمِّي الأشياء بأسمائها الحقيقة، ونُشير إليها مُباشرةً بسبابتنا، عِوضاً عن الالتفاف حولها وأتيانها من غير أبوابها؟
كثيراً ما نسأل أنفسنا هذا السؤال، فتتسرب الإجابة عليه من بين أصابعنا كخيوط ماء، ولمّا ننظر إلى أكُفنا لا نجد عليها غير ذلك البلل المزعج، ولا نرتاح إلا عندما نطلب خرقة أو صفحة منديل ورقي فنُجففه.
ومثل هذا البلل أشعر به، كلما جيئ بسيرة مطار الخرطوم، الذي هو في الحقيقة أقل بكثير ليس فقط في مواصفاته وبُنياته بل حتى في طريقة إدارته وتسيير دولاب العمل اليومي فيه من صفة (دولي)، لذلك نُزعت عنه.
هنا، وبصفحة منديل ورقي، أحاول الآن تجفيف بعض من (بلل) المطار، فاللافتة عند مدخله تحظر الأمجاد والركشات، وهذا قرار إدراي ليس خاطئاً فحسب، بل فيه عسف وعدم إدراك وإلمام وجهل بمعلومات كثيرة، ربما يصل جهل متخذ هذا القرار المرفوع على متن اللافتة التحذيرية التي تحظر هاتيك الوسيلتين من دخول المطار، حداً يجعل (المهزلة) مضحكة مُبكية.
لذلك ومن باب الإشارة إلى موضع الخلل بشكل مباشر، دعونا نقرأ القرار ونحلله: (ممنوع دخول الأمجادات والركشات)، ولنبدأ من الوسيلة الأخيرة التي حظرها القرار وهي (الركشات)، وهذه وسيلة لا يُسمح لها البتة بـ(قانون المرور) من عبور شارع أفريقيا (المطار)، وكل الشوارع الرئيسية، وكل الذين يستخدمون شارع أفريقيا يعرفون ذلك حتى إدارة المطار، فلماذا تحظر وسيلة هي في الأصل (محظورة)، ألأ يبدو هذا عبثياً ومثيراً للسخرية والتندر، ومؤشراً على (جربندية) متخذ القرار في مطار الخرطوم وجهلة حتى بالوسائل المسموح لها باستخدام الشارع الذي تظل عليه إدارته؟
دعونا من ذلك، ولنعود إلى الوسيلة الأولى في لافتة الحظر وهي (الأمجاد)، وهنا يبدو الأمر أكثر تعقيداً، إذ إدارة المطار تضع المسافر خارج البلاد، أمام ثلاثة خيارات فقط، أولهما أن يكون له سيارة خاصة، وإن لم، فعليه أن يتسولها من المعارف أوالجيران (أعطوه أو منعوه)، أما الثاني فهو أن يطلب (تاكسي أجرة)، وهذا دونه خرط القتاد، لعدم توفره في الأحياء، وكأني بإدارة المطار لا تعرف ذلك، وكأن بكل أعضائها يقطنون (واشنطون دي سي)، ولا يعرفون أن أحياء العاصمة (عديمة التاكسي)، وأن سيارة الأجرة الوحيدة المتوفرة في كل شارع وزقاق هي (الأمجاد) فقط، ويمكن لأي مسافر الحصل عليها حتى في ساعات الصباح الأولى حيث تقلع جُل الرحلات.
أما الخيار الثالث: فهو أن يأتي المسافرون أو المستقبلون والمودعون إلى المطار على أرجلهم (من كل فج عميق)، وهو خيار صعب التحقق وربما مستحيل.
إذن، لا حل إلاّ التراجع عن هذا القرار المُتعسف، وإذا شعرت إدارة المطار أن التراجع عن هذا القرار سيُخزيها ويقلل من شأنها، فعليها أن تتراجع عنه تراجعاً ناعماً، يحفظ له كرامتها ولا يريق ماء وجهها، وذلك بأن تستثني الأمجادات القادمة من الأحياء إلى المطار فقط، بشرط أن تغادر فور تفريغها (حمولتها) من (البشر والحقائب) على طريقة (خلف دور) وبإشراف شرطة المرور.
على كلٍّ، قرار منع الأمجاد (فقط) من إيصال المغادرين، قرار خاطئ وليس مدروساً، وغير واقعي، لذلك ينبغي (إنزال تلك اللافتة) والتراجع عن ها القرار.
الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي
هذا الموضوع خلفه نقابة تاكسي المطار و يفرضون رسوم باهظة استغلالا لحاجة الناس لانهم ومغتربين و مروقين .