صلاح الدين عووضة

(الحمير) و(العوير)..!!!

[JUSTIFY]
(الحمير) و(العوير)..!!!

مدرستنا المتوسطة بحلفا الثانوية العامة سابقاً كانت محاطة بشجر (العوير) من كل جانب..
كان في نظري أجمل (سور) لأجمل مدرسة..
ولكنه يبقى في نظر كثير من الناس هو (العوير!!)..
و(العوير) صفة لا تُطلق إلا على كل ما هو غير جيد أو حسن أو جميل..
وقبل أيام هاتفني من حلفا من يقول لي في سياق حديث عام إن مدرستنا تلك أضحت (عارية!!) من سياج (العوير)..
فسألته إن كان يعني أنها صارت جميلة فأجاب سريعاً قائلاً: (بل قبيحة جداً)..
وفتاة (جميلة) جداً في حيّنا كانت تُنعت بأنها (عويرة) انتقاصاً من جمالها ذاك..
وحين قبلت الاقتران بيعقوب (أستاذ الابتدائي) قال سكان الحي: (لولا عوارتها هذه لكان تزوجها أستاذ جامعي!!)..
وبعد عامين كان يُضرب بالزواج هذا المثل في (السعادة) و(الاستقرار) و(الرضا بالمقسوم)..
ولم تكن من بين نساء الحي كلهن من تبدو أكثر من (عويرتنا) هذه (شبعاً عاطفياً!!)..
وبطل رائعة الطيب صالح (عرس الزين) كان هو الذي يحبه شيخ الحنين (الصالح) ويناديه بمفردة (المبروك) عوضاً عن (العوير) التي كانت على لسان أهل البلدة أجمعين عدا واحدة ذات (أصل وحسن وتعليم!!)..
ثم لم تكن (زينة بنات الحي) من نصيب أحد من فتيان القرية سوى الزين (العوير!!) هذا..
و(عوير) حلتنا الذي أشرت إلى قصته من قبل طفق يصيح (عوير) كلما ورد ذكر رئيس أو وزير أو مسؤول تقدم باستقالته لأسباب تتعلق بـ(التقصير!!) من خلال مناسبة في الحي..
وعندما انتبهنا إلى (المغزى!!!) الذي جعل (عوير حارتنا) يصيح بالذي يوصم به وهو يضحك تساءلنا إن كنا نحن (العُوَرة) أم هو..
فالأسباب التي حدت بالذين ذكرناهم أولئك من الرؤساء والوزراء والمسؤولين إلى تقديم استقالاتهم هي قياساً لنظراء لهم، من حولنا، لا تستحق محض شعور بـ (الحياء)..
ورئيس سوداني سابق كان يوصف بأنه (عوير) استطاع أن يلعب بـ (مكونات) واقعنا السياسي كما يلعب الساحر بـ (البيضة والحجر)..
(ضرب) اليسار باليمين، ثم اليمين باليسار، ثم بعضاً من كل أولئك بالبعض الآخر..
الجانب الوحيد ذو (العوارة) الذي يمكن أن يُؤخذ على رئيسنا المذكور تجاهله لـ (مُكون) سياسي غير متحزب وهو (اللامنتمون!!) الكثر من أفراد شعبنا..
ووحيد القرن الذي يوصم بـ (العوارة) ثبت الآن أن (عوارته) هذه هي التي (يعمل لها) ملك الغابة الأسد (ألف حساب!!) ليحجم عن مهاجمته حتى وهو نائم..
والأديب المصري توفيق الحكيم كتب مؤلفاً كاملاً عن (الحمار) ليدلل عبره أن الحيوان الذي يُضرب به المثل في (التخلف) هذا ما هو بغبي ولا (عوير!!)..
ويكفي أن (حمار اللبن) مثلاً (يعرف سكته!!) بعد مشوارين فقط..
*ولكن من معارضينا من (لا يعرف سكته) إلى الآن بعد ربع قرن من الزمان!!!!!!
[/JUSTIFY]

بالمنطق – صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة

تعليق واحد