الطاهر ساتي

إلى متى ..( يبقى لحين السداد )…؟

[ALIGN=CENTER]إلى متى ..( يبقى لحين السداد )…؟ [/ALIGN] ** نعم ، لجوء المتظلم إلى المحاكم لأخذ ما يراه حقا من الصحافة والصحفي ، سلوك حضاري متفق عليه ، ولا يأباه إلا كل ظالم لنفسه وللآخر .. ونعم ، الكل العامل في مهنة الصحافة ما هم إلا بعض البشر ، حيث يخطئ ويصيب ، وقاعة المحكمة هي أفضل مكان لمعرفة الخطأ من الصواب ..وأي مكان آخر لمعرفة هذا من ذاك غير تلك القاعة ما هو إلا محض اجتهاد يقبل الاختلاف والإتفاق ، قد يكون مكانا لجودية يتراضى فيها الشاكي والمتهم وكل من يهمهم الأمر ، وقد يكون مكانا للترهيب أوالترغيب وهذا ما لايرضاه ميثاق المهنة ولا كل قيم الأرض والسماء .. ثم إن الغابة وحدها هي التي تخلو من المحاكم ، ليفترس القوي فيها الضعيف بقانون الغابة ، أي قانون الفوضى أوسمها بالحرية الصحفية المطلقة ، وهى حرية معناها ( أنا سأكتب ما أشاء وأنت أفعل ما تشاء ) ..وهي بالتأكيد مرفوضة ، وتناقض شكلا ومضمونا الحرية الصحفية المبتغاة ( أنا سأكتب ما أراه حقا وأنت أفعل ما تراه حقا ) ، إذا إتفقا في حق ما فليكن ، وإذا إختلفا فيه فتلك هي المحكمة ، فليذهب إليها المختلف ..أو هكذا يجب أن نتواثق على ..( المبدأ العام ) ..!!
** وبعد العض بالنواجذ على ذاك المبدأ ، أقلب ملامح من قانون الصحافة المرتقب ، لوح بها في الأسبوع الفائت عمر محمد صالح ، الناطق الرسمي باسم مجلس الوزراء ، حيث قال نصا : أقصى عقوبة غرامة للصحفي فى القانون الجديد لا تتجاوز الخمسين الف جنيه ، أي الخمسين مليون سابقا ..هكذا جاء الرقم على لسان الناطق الرسمي عقب تجاوز قانون الصحافة محطة مجلس الوزراء ، وقبل أن يصل القانون حاملا ذاك الرقم إلي محطة البرلمان ، وهى المحطة الأخيرة ، يجب أن نفيد نواب البرلمان بأن هذا الرقم مثير للتوجس ، ويبشر بأن زنازين السجون لن تخلو من الصحفيين ورؤوساء تحريرهم شهرا أو نصف الشهر ، وذلك تحت مادة ( يحبس لحين السداد ) ..!!
** تلك المادة سترافقنا ما لم ننتبه وننبه نواب البرلمان .. وللتذكير : عروة ونور الدين سابقا ، والباز ووراق حاليا .. علما بأن هذين العزيزين تم حبسهما لحين سداد مبالغ تساوى تقريبا نصف قيمة الغرامة المقترحة في القانون المرتقب ، فما بالكم حين نواجه النصفين معا في مرحلة مابعد إجازة هذا القانون وغرامته ..؟.. وعليه ، فالعقوبة الأقصى التى يبشرنا بها الناطق الرسمى لمجلس الوزراء ليست بشارة كما يظن سيادته ، خاصة أن مبلغ الغرامة التي يذهب إلي خزينة الدولة يأتي مصطحبا مبلغ تعويض للطرف الشاكى في الكثير من قضايا النشر ..ودع عنك الحال الإقتصادي للصحفي ، بل حتى أحوال الصحف الإقتصادية – بفضل الجمارك والضرائب ورسوم الولايات والمحليات وجباياتها – تغني عن السؤال ، وما رفعت الصحف أسعرها ضعفا قبل شهرين إلا لمجابهة غول نظرة البلد الإقتصادية التي تحدق في المؤسسات الصحفية ومنتوجها بذات النظرة التى تحدق بها في مصانع الأسمنت والسماد وإنتاجها ..!!
** وللأسف ، في ظل هذا الوضع البائس ، لم تعد المؤسسات الصحفية قادرة على مجابهة المزيد من الإرهاق ولو جاء مغلفا بثوب القانون المرتقب ، وأعلم نفرا عزيزا من الزملاء حين عجزت صحفهم أوتلكأت في دفع مستحقات أقرتها المحاكم للأطراف الشاكية ، منهم من إستبدل الغرامة بالحبس شهرا وآخر ، ومنهم من دفع بالأقساط المريحة خصما من راتبه ، أعرفهم ويعرفهم وسطنا الصحفي .. وهنا تطل الأسئلة المخيفة التي تؤرق مضاجع المهنة ورسالتها في بلادي ، هل مؤسساتنا الصحفية مستعدة لدفع ثمن رسالتها أم ستدع الصحفي وحده يدفع الثمن ، كما النماذج التى تجاوزت فيها ذكر الأسماء والمبالغ ..؟.. وإلي متى سترافقنا مادة ( يبقى لحين السداد ) ..؟.. وما أثر تساؤلات كهذه في نفس أي صحفي يفكر أن يكتب ما يراه حقا ..؟.. في تقديري ، آن الأوان بأن يفكر الزملاء بصوت عال في البحث عن حلول عاجلة تكون بمثابة الجدار الذي تتكئ عليه حرياتهم ، حتى لا تقع وتتكسر تحت وطأة الغرامات ورفيقها …( يحبس لحين السداد ) …!!
إليكم – الصحافة الثلاثاء 24/03/2009 .العدد 5653

تعليق واحد

  1. تقليل الغرامه من شانه ان يترك الصحفى ينهش فى اعراض الناس كيفما يشاء, وانا اوءيد فكرة زيادة الغرامه زائدا التعويض حتى يراجع الصحفى نفسه الف مره قبل ان يكتب وياتى فى اليوم التالى معتزرا ومتعزرا ويطلب الصفح ممن نال منه بعد ان نشره على الملاْ ومازا يفعل الاعتزار لمن خرجت اسرار بيته او عمله اْو أو أو وما اعتزارات الصحف عنا ببعيد و نسال الله السلامه وان يحفظنا من كل صحفى متسلق ياكل من فضح عورات الناس