الكذبة البيضاء
قد يفعل المؤمن الكثير ويظل مؤمناً ومسلماً.. شيء واحد إن فعله فقد دخل في دائرة الشك.. هو الكذب لأنه يفترض فيه عدم الكذب.. كثيراً ما نكذب ونتحرى الكذب باستعمال غريب الأطوار على الألسنة والكلام.. ولكننا أحياناً نصاب بالدهشة لكذب البعض..والبعض حينما يصدقون كذبتهم.. بل ويتمادون فيها حدَّ الانفعال.. قد تندهش لمسؤول كبير يتكلم عن واقع كأنه يصف في حلم لا حقيقة.. تفاصيل وردية لواقع بائس متهالك بل يكاد يجزم إنه انجز مالم يقو عليه الأوليين والآخرين… كم من مرة ظللت أراقب فيه كذب البعض بدقة عجيبة انظر إلى عيونهم ومحاجرها.. أنفاسهم المتقاطعة.. وحالاتهم المضطربة ولا أدري ما هو سبب هذا الإنجرار وراء الكذبة بيضاء كانت أم سمراء، المهم انهم كاذبون.. دعتني صديقتي لمراقبة إحداهن.. ترفض واقعها البسيط بصلف زائد وتدعي أنها من «عالم أول».. نحن نعرف أنها من حواري الأحياء الشعبية حباها الله بسطة في الجسم وجمالاً آخاذاً تلعب عليه بأوتار أحلامهم المخدوعة.. ترتدي الأزياء من أبواب «الشدة والاستفادة من المؤهلات الربانية» فتبدو دائماً أكبر وأكبر من حدود واقعها «المسكين» عندما جادلت أحد الباعة في غرض وتكلفته ظل مراقباً لها وهي تصعد للمواصلات نادى عليها «والله قايل عربتيك في سنتر الخرطوم».. تحلقت حولها النسوة في تلك الصالة.. يسألنها عن هذه الصيحة التي ترتديها فوجدت مجالها في جر الحكي «الوهمي» وكيف أنها اشترت من دبي تلك البلوزة ومن باريس ذلك الطقم ومن.. ومن.. إلى أن نظرت ووجدتنا نمارس البله في النظر لكذبتها ولسان حالنا «ما تكتري المحلبية» .. لتقول بنظرة مستعطفة أن لا نكشف مستورها وعيونها تقول «عدوها المره دي .. دي كذبة بيضاء»
٭ الوووو
ما بين التقاطها لنمرة الهواتف عشوائياً وعثورها على صوت رجولي حتى لحظات التحامها الحديثي معه (ألو.. معليش كنت قايلك مروه.. بالجد دا ما تلفون مروه) فإنها كانت محظوظة على هواها جاءها الرد (لا أنا ما مروه.. ممكن نتعارف) لتقفز سريعاً (أنا نجوى.. من حي الكبارات. أبوي رجل الاعمال المعروف.. ممكن نتعرف أكثر.. أنت منو) ليواصل المحظوظ في الوهمة (أنا ذاتي ساكن في حي الكبارات لفة الدبلومسين.. أها يا منقه الحالة الاجتماعية.. شنو).. (أها ها هاها .. ما ظاهر من صوتي أني شابة في عمر الزهور والمنى) الرد هذه المرة مفخخاً صوته (والله بقينا ما عارفين الكبيرات من الصغيرات… الزرق من البيض.. بالله عليك الله ..لنسألك سؤال بت جيرانا قبل شهر كانت سمراء… أمبارح لقيتها لونها أبيض لبن بالمناسبة أها انتي لونك شنو؟) لتزهو بصوتها «أنا لوني أبيض وشعري طويل وفارعة.. و… » ليرد عليها بطريقة دراماتيكية «بالله.. بالله.. بالله»
آخرالكلام
الكذبة البيضاء.. الوهمات.. الجاكات.. الجلاكسات والنيات والتعليل الساهل «كذبة بيضاء» ما دام حتى الكذبة تمارسها على جلدها ولونها.. إذن هي معذورة وغير مؤاخذة .. (يا أخوانا الزول إن كان غش في خلقة ربو.. تاني بتسألوه مالكم).
[/JUSTIFY] [LEFT]مع محبتي للجميع[/LEFT]سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]