الناقل الوطني
# وهو الاسم الذي يحلو لي إطلاقه على صديقتي (الركشة) التي يمتطيها الجميع على اختلاف أعمارهم وبيئاتهم وأوضاعهم فتبز بذلك (سودانير) المبكي على وطنيتها!!
ولا أحد يستطيع أن ينكر ما أحدثته الركشات من تأثير كبير على حياتنا في الاتجاه الإيجابي كونها سهلت علينا الحركة كثيراً وأعانت العديد من الأسر محدودة الدخل على تصاريف الحياة بحفظ ماء وجوهها وسد رمق أبنائها بدخل يومي ثابت يستر الحال ويغني عن السؤال كونها الاستثمار الشعبي الأول وفق الإحصائيات التقليدية البسيطة.
إذ أن معظم الأرامل والمعاشيين يلجأون لتوظيف رؤوس أموالهم في اتجاه الركشات ليضمنوا (توريدتها) التي تساهم بفاعلية في استقرار أوضاعهم وتوفير احتياجاتهم.
# ولكن.. برغم إيماني الكبير بمحاسن (الركشة) تلك الوادعة الجميلة الرشيقة… وتضامني الكامل مع أصحابها (وجوكيتها) الباحثين عن الرزق الحلال الطيب.. إلا أن ذلك لا يمنع أن ننظر لنصف الكوب الفارغ!! فالشاهد أن أضابير شرطة المرور تضج بأعداد هائلة من الحوادث الكارثية التي تسببت فيها تلك الكائنات الصغيرة وراح ضحيتها العديد من الأرواح.
كما أن غالبيتها لا تخضع للترخيص الدوري ولا تتمتع بالتأمين الإجباري للمركبات وبالتالي لا تتمتع بالتأمين الشامل ولا يعد بإمكانها تغطية خسائر الحوادث مما يتسبب في العودة بالعديد من أصحابها إلى مربع الفقر وذهاب آخرين إلى غياهب السجن!!!
# على الصعيد الاجتماعي تجدونا كل يوم نسمع عن تقاليع إجرامية جديدة تلعب فيها الركشات دوراً رئيساً, فبعضها الآن من تلك التي يقودها ضعاف النفوس عديمو الضمير المتعللون بالحاجة وضنك العيش أصبحوا يمارسون السرقات الحديثة علي شاكلة (خطف) الحقائب اليدوية للسيدات أو تلك التي يحملها الرجال وتحتوي على أجهزة الحواسيب أو الأموال أو الأوراق الثبوتية بسرعة (الركشة) ليختفي راكبها في لحظات بينما لا تزال الضحية مندهشة!!
بالإضافة لذلك نما لعلمنا أن تلك المركبات أصبحت تستخدم في ترويج المخدرات والكحول وإشاعة الرذيلة والقيام بالعديد من الأعمال المريبة الخطيرة والمؤذية التي تهدد أمن المجتمع, يساعدها على ذلك عدم خضوعها لقيود الترخيص أو قوانين المرور. علماً بأن العديد من الشروط القانونية قد وضعت لتنظيم عمل الركشات إلا أن العديدين يخرقونها حتى باتت (الركشات) تسعى في طرق المرور السريع معرقلةً حركة السير غير عابئة بالخطر, وهي التي خصصت للاستعمال داخل الشوارع العرضية الداخلية فحسب، لشيء في نفس إدارة المرور.
# إنني لا أتحامل على سائقي الركشات ولكن غالبيتهم ترك لديّ الانطباع الكامل بالاستهتار!! ربما لصغر سنهم أو لما يأتون به من سلوك مستفز في القيادة على الطريق بالإضافة لاستخدام مكبرات الصوت والأغاني الهابطة والإكسسوارات الشاذة.
وقد علمنا أن الإدارة العامة للمرور بصدد القيام بحملة كبرى تعد (الركشات) وترخيصها ورخص سائقيها من أولوياتها. إضافة لضرورة الحد من ظاهرة قيادة نسبة كبيرة من الأجانب لتلك الركشات دون أن تكون لأحدهم أوراق ثبوتية ناهيك عن رخصة قيادة عامة وهي التي يجب أن يحملها سائق الركشة.
ويؤكد رجال المرور وعيهم الكبير بأهمية الركشات في حياة المواطنين وحياة أصحابها, وهم على دراية تامة بأن تكالبهم على الركشات سيثير حفيظة غالبية المجتمع, ولكنهم يأملون في أن يتفهم الجميع أبعاد ذلك القرار بالنظر لتلك المثالب العديدة التي باتت عليها الركشات. مع كامل مراعاتهم لأوضاع الملاك وتقييمهم للحالات بعين الرأفة والاعتبار ولهم في ذلك نظرتهم الخاصة.
# بدورنا.. نجدد ولاءنا وتقديرنا لنشاط الركشات.. ولكننا نندد بالمخاطر الدخيلة التي باتت ترتبط بها, وبما أن رجال المرور حادبون على المصلحة العامة فإننا نشد من أزرهم ونؤكد ضرورة التشديد على مراجعة أحوال الركشات ولكننا نرجوهم فقط الترفق بالمواطنين في تكاليف الترخيص وآلية الإجراءات بحيث لا تتضرر تلك الأسر المستورة التي تعد الركشة مصدر دخلها الأوحد في ظل ما تمر به البلاد من تقشف كاد يفتك بالعباد، وكلنا ثقة في أنهم سيضعون ذلك في الاعتبار مثلما سننصاع جميعاً للقانون.
# تلويح:
عزيزتي الركشة.. أنت أحلى بتلك اللوحة الرقمية الخضراء وذلك السائق المهندم الوقور.
[/JUSTIFY]إندياح – صحيفة اليوم التالي