ويسألونك عن الركشــــة
قل هي آفة.. قدمت إلينا من الهند.. فتمددت وانتشرت وتكاثرت وعمت البدو والحضر.. ثلاثية الكرعين.. ذات كرش تسع ثلاثة أشخاص من وزن الذبابة.. أو شخصين من وزن الفيل.. لها صرير نشاز.. يحاكي صرير القعونجات في بركة ماء بأحد شوارع الخرتوم.. بعد أمطار غزيرة داهمتنا حين غفلة.. صوت تستطيع أن تميزه الأذن الذواقة من مسافة اتين كيلو متر.. تستغل الركشة في تنقل الناس بين الأزقة والحواري.. تستطيع الركشة أن تزوغ من أجعص بتاع حركة تفتيحة بكل سهولة ويسر وخصوصاً الركشة المدربة تدريباً جيداً.. كما أنها تستغل في توزيع الخمور البلدية والمخدرات والممارسات اللا أخلاقية الممنوعة والمحرمة عرفاً وقانوناً.. وأيضاً تساعد في خطف الموبايلات وشنط الغافلات الداقسات من النساء على عينك يا تاجر.. وعلى عين السلطات بكل أصنافها وعدتها وعتادها.. بعضها يحمل لوحة هوية.. والبعض الآخر يمشي كما ولدته أمه لا لوحة ولا يحزنون.. تفنجط في الشوارع ما يحلو لها أن تفنجط.. ومافي زول يقول ليها عينك في راسك.. لها رأس صغير تعتليه.. عين واحدة.. وحيدة مما يجعلني أشك بأن لها صلة رحم بالمسيح الدجال.. أما سواق الركشة في غالبه الأعم ليس كبقية السواويق.. لميض.. مطير عيونو بسبب وبدون سبب.. باحثاً عن زبون.. دائماً ينتعل سفنجة واحياناً يكون حافي القدمين.. دائماً ما يخرج رأسه ويدخله بسرعة مستكشفاً الشارع كلسان السحلية أو كرأس أبو القدح.. يعتبر نفسه يقود سفينة فضاء يسرع بها يتخطى الحواجز.. ويعتلي المطبات.. ويتجاوز كل علامات وإشارات المرور.. وهو راض عن نفسه تمام الرضا، وواجب عليك أنت الراكب أن تشيد وتمتدح براعته الرعناء في القيادة وبلادته الذكية في الونسة والشمارات.. عليك أن تجامله؛ عسى ولعل أن يجاملك في حق المشوار وما يقعد يشفتن عليك في جنيه.. يحكي ويتحدث بكل ثقة عن مغامراته.. وقد زاد سائق الركشة غروراً ما تغنت به الحسان لأشهر سائق ركشة في السودان وهو بلة ود عشة.. ذلك البلة ود عشة الذي فتن ربات الخدور وبعد دا كلو دقا الرقم جلا.. وهو حال يدل على رواشة وشتارة بلة.. عندما يدق الرقم ويجلي شخص بهذه المواصفات ليس أهل لأن يقود ركشة أو يركب حمارة.. اختفاء بلة ود عشة المفاجئ حيّر الفتيات.. فأخذن يتساءلن وينو بلة؟ مما جعلني أتعاطف مع حسان بلادي فأخدت أدوخ في شوارع الخرتوم باحثاً عن بلة خوفاً من أن تنشب حرب أهلية تسبى فيها الباحثات عن بلة.. وأعتقد أن هواجة ورواشة بلة ود عشة أدت به إلى غياهب السجون.. وهنا أقف متأسياً لانحطاط الأغنية السودانية فبعد أن ماشين كويس ونغني لحمادة ولعثمان يا حرف الكاف.. أصبحنا نغني لبلة ووالدته عشة.. بعد أن كنا نغني لسواق العربية.. من ماركات محترمة كالبوباي والقاقرين والفيات.. غنتنا الأستاذة نجاة غرزة لسايق الركشة.. وهي تضع فينا من المغارز من واحد لتسعة..!!.
[/JUSTIFY]الباب البجيب الريح- صحيفة اليوم التالي