الحاج عطا المنان نموذجاً
*في إحدى زياراتنا لمدينة نيالا سألت سائق عربة الأجرة الذي ظل يجوب طرقات هذه المدينة الجميلة لمدة ثلاثين عاماً، سألته عن الوالي الذي تمكن من أن يترك بصماته في ردهات المدينة، وأن يرسم اسمه في وجدان وأفئدة الجماهير، قال لي الرجل بدون تردد هو الوالي الحاج عطا المنان بلا منازع.
*عاجلته بسؤال آخر، الحاج عطا المنان لماذا؟ قال: لأن كل البنيات الباهرة من المطار إلى طرقات الأسفلت والمدارس والمشافي هي من إنجازات الرجل عطا المنان وفي فترة قياسية.
*قلت للرجل تفتكر لماذا نجح الحاج عطا المنان دون الولاة الآخرين في أن يترك وراءه كل هذه السيرة العظيمة، قال: لأن الحاج عطا المنان ليس له هناك أناس محدودون ولا قبيلة محددة، فهو من خارج أبناء الولاية (والناس هنا كلهم ناسه) فضلاً عن أن الرجل يمتلك حنكة إدارية هائلة ومقدرة على تنفيذ البرامج.
*لحظتها لم أملك إلا أن أذهب بخيالي بعيداً وذاكرتي متأملاً ومنقباً في سيرة بعض الإداريين الأفذاذ من غير أبناء المنطقة الذين تركوا أثراً وسيرة لازالت تتحدث بها الركبان، لعل في أحيائها تكون هادية لمتخذي القرار في المركز لإيقاد شموعها من جديد.
*يذكر في هذا السياق والي دارفور الكبرى الاسبق اللواء الطيب إبراهيم محمد خير، ويذكر أيضاً في ولاية جنوب كردفان المرحوم مجذوب بابكر له الرحمة والغفران فضلاً عن الحاج عطا المنان، وثمة شيء غير الحنكة والدراية يجمع بين هؤلاء القادة الذين أتوا من خارج المنطقة فلعلهم يلتقون ثلاثتهم في قيم التجرد والإخلاص ونكران الذات.
*وللذين يقولون: وبكل تداوينا ولم يشف ما بنا
على أن قرب الدار خير من البعد
على أن قرب الدار ليس بنافع
إن كان من تهواه ليس بذي عهد
رأيت أن أقول لهم إن أفضل طريقة لتضميد جراح هذا الإقليم النازفة إحداث اختراق كبير في ترميم وتضميد الأفئدة، تكمن هذه الطريقة في ثقافة ترسيخ وتكثيف عمليات التنمية، فإذا ما خرب المتمردون قرية واحدة تقم عشر قرى محصنة بالأمن والخدمات، وإذا ما قفلوا شارعاً تفتح أمام الجماهير عشرين شارعاً مؤمناً، فكل ما سدت نافذة أمل ازرع في المقابل عشرات من شتلات الأمل وافتح مئات منافذ للأشواق.
*يجب أن لا نجعل المواطنين يركنون إلى أدب الإحباط والتشاؤم، على أن كل فرص الأمل والحلول الجبارة الممكنة وغير المكنة والمستحيلة يمكن تحقيقها ذلك إذا توفرت الإرادة والعزيمة والمصداقية وزراعة مشاتل الأمل وازدهار ثقافة الطموحات والأشواق، فحتماً ستفتر همة المخربين يوماً وستنتصر إرادة السلام والحق والأمان.
*مخرج.. تقول نيالا البحير اخي سيما الباشمهندس عطا المنان، إن التاريخ لا يظلم أحداً كما ليس بمقدور أحد أن يسقط بعض أوراقه، وفي المقابل إن (عشرة الملح والملاح) السودانية في نيالا كانت أو كريمة لن تخون المكتسبات وستذكر عبر الأزمان، فليهنأ بك هلال الأغلبية.. فمطر العافية أينما هطل نفع وأتانا خراجه..
والسلام..
ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي