أمة (الأمجاد)
هكذا نتشدق منذ عشرات السنين… فعن أي أمجاد ترانا نتحدث؟؟… ولماذا لا أجد بعض الأنباء التي يمكن أن أحدث عنها أبنائي ليدركوا أبعاد تلك الأمجاد التي لم أدركها؟؟
هلا لاحظتم معي اندثار مادة التاريخ عن المقررات المدرسية الأولية لأبنائنا وهم في تلك الأعمار التي تحتاج فعلياً للوقوف على بعض ملامح تاريخ بلادهم وأنباء أجدادهم؟؟… ربما تحولت تلك المادة إلى مسمى جديد وفق التحديثات التي طالت أسماء المواد الدراسية دون أن تطال المضمون…, فما هو بربكم الاسم الجديد لمادة التاريخ الإسلامي أو العربي أو السوداني؟
يعن لي أننا أمة بلا تاريخ… وربما بلا مستقبل!! فمعالم المرحلتين مطموسة وغير واضحة… ولم أعد أثق في روايات التاريخ الموضوعة لتحقيق أغراض معينه لجماعات معينة.
وإلا كيف بربكم لا تزال عجلة التاريخ تدور في فلك الحكم التركي ورأس غردون المقطوع وحملات الدفتردار الانتقامية والمهدية؟؟!
عشرات السنين… وعشرات الأجيال يدرسون ذات الوقائع والأحداث دون تجديد على الرغم من تلاحق الأحداث في السنوات الأخيرة, فما الذي يمنع أن يحدث التاريخ أبناءنا عن الحكم المايوي والانتقالي وحتى انفصال الجنوب؟ أم أن العائق الوحيد الذي يحول دون ذلك هو تكلفة تغيير المقررات وحيلولة ميزانية الدولة وهي المبرر الدائم لكل ما يقف أمام التغيير!!
# الأصوات التي تعلو منددة بالمقررات الدراسية معظمها من المعلمين أنفسهم الذين يعدون (أصحاب الوجعة) والأقدر على فهم إمكانيات ونفسيات التلاميذ، فهل تمت استشارتهم حينما وضعت هذه المقررات الجديدة التي أثبتت فشلها عاماً تلو عام؟؟ وإن كانت الإجابة بنعم… فلماذا أعرب جميع المعلمين الذين التقيتهم عن تحفظاتهم على فحوى ما يدرسونه للتلاميذ على أيامنا هذه وما يحشون به رؤوسهم من معلومات لا تسمن ولا تغني ولا تترك رصيداً ثقافياً ومعلوماتياً يعتمد عليه!
لقد تراجعت معدلات المعرفة والثقافة لدى الأجيال الأخيرة لا سيما في ما يتعلق بالتاريخ والجغرافيا والأدب.., ويمكنكم أن تتأكدوا من ذلك بأطلاق بعض الأسئلة البسيطة على من حولكم من الشباب وتجرون مسحاً ميدانياً في محيطكم الاجتماعي ثم حدثونا بربكم عن النتائج على ألا تتجاوز الأسئلة أسماء بعض الزعماء الوطنيين أو عواصم البلدان أو الأدباء المشاهير.
وسأمضي في تحاملي أكثر من ذلك فأطلب منكم أن تسألوهم عن أسماء بعض الوزراء الحاليين رغم أن عذرهم في الجهل بهم سيكون مقبولاً كونهم يغيرون مواقعهم ووزاراتهم قبل أن نتمكن من التعرف عليهم كما يجب, وربما يفشل معظمهم في الإجابة على هذا السؤال عدا سؤالهم عن وزير الدفاع فهو قطعاً أشهر من أن يجهلوه لما يتمتع به في اعتقادهم من مواهب!!!
# لقد استبشرنا خيراً بمؤتمر التعليم الأخير والورش التي أقيمت وأفردت لها الميزانيات, والأوراق العدة التي طبعت ونوقشت, والنتائج الواضحة التي خرج بها المؤتمر، والتي لا أعلم أين وصلت حتى الآن؟؟!! وإن كنت لم أفهم بعد الميزة في أن تسيطر وجوه وأسماء محددة بعينها على المشهد التخطيطي للتعليم في السودان فيقعون في أخطاء تاريخية ثم نأتي بهم من جديد لمعالجتها وقد بلغوا من العمر عتيا والعالم كله من حولنا يراهن على الأفكار الشابة مع كامل تقديرنا لخبراتهم المتراكمة والطويلة.
عموماً… أفكر جدياً في ابتداع مادة للتاريخ المنزلي أدرسها لأبنائي وحدي وفق ما شهدته من أحداث مفصلية في تاريخ السودان القريب عساها تساعدهم على فهم الواقع واستشراف المستقبل… أما مادة الجغرافيا رحمها الله فربما لا أقوى على تدريسها لأنني لم أستوعب بعد الخارطة الجديدة ولا أدرك على وجه التحديد أماكن تعدين البترول وحجم عائداته وتأثيره على الاقتصاد الوطني!!
# تلويح:
أمة (الأمجاد) يا سادتي مضت قدماً وأصبحت أمة (بصات الوآلي) (المشرورة) في شروني!!.
إندياح – صحيفة اليوم التالي