منصور الصويم

الشقيقة تشاد

[JUSTIFY]
الشقيقة تشاد

يحكى أن العنوان أعلاه قد يبدو للوهلة الأولى وكأنه أحد الديباجات التقليدية التي تعلق عند المناسبات الدبلوماسية للدولة السودانية، بمخاطبتها لكل دول الجوار الأفريقي والمحيط العربي بـ (الشقيقة)، لكن الأمر ليس كذلك، بل هو (هنا) أعمق من ذلك بكثير ويعني تماما المدلول الذي تختزنه المفردة (الشقيقة)، بكل ما يحيل إليه من معاني الأخوة والمحبة وآصرة الدم والانتماء الثقافي والتداخل الاجتماعي والمصير المشترك. فتشاد التي تبدو – للوهلة الأولى أيضا عند الكثيرين بعيدة جدا، وربما في موضع اللا مفكر به، هي أقرب إلينا من (الكثيرين) الذين ظللنا ندور في أفلاكهم دون أن نحقق أقل اقتراب حقيقي ودون (انتزاع) أي اعتراف متبادل بذات المنزلة.
قال الراوي: الكثيرون ينظرون إلى تشاد باعتبارها امتداد (هامشي) للسودان، بلد أفريقي يقع جوارنا عند الغرب القصي (كأننا لسنا بأفارقة)، ويلعب هذا البلد دورا ما في استقرار بلدنا؛ دور غائب في العمق لدى الكثيرين ممن يفترض أنهم قادة هذا البلد سواء أكانوا من الساسة أو المثقفين أو حتى المواطنين أو غيرهم؛ وبخلاف ذلك فتشاد لا تمثل أي أهمية للمركز السوداني ويأتي النظر إليها مشوبا بشيء من التعالي الحضاري المزيف، في حين أن الحال (من بعضه) ولا اختلاف كبير بين الواقعين المتخلفين بحكم التدهور السياسي والأمني والتفكك الاجتماعي!
قال الراوي: من المعلوم وربما غير معلوم للبعض أن التداخل القبلي (الإثني) بين السودان وتشاد، في الحدود المشتركة بين البلدين (دارفور) يكاد يلغي تماما التقسيم الجغرافي، فقبائل بأكملها تتقاسم هذه الحدود وتنتقل بين البلدين دون أدنى إحساس بالانتقال من (وطن) إلى (غربة)، فالخط الثقافي، الجيني، المجتمعي واحد يتحرك في طبيعة واحدة ويتشارك نشاطا واحدا ويتقاسم هما واحدا ويعاني ذات الأزمات والويلات منتجة الفشل الحكومي في الدولتين.
قال الراوي: ربما فطن بعض رجال الأعمال والتجار القدامى من أقاليم الغرب (كردفان ودارفور) إلى أهمية تشاد، وإلى طبيعة أهلها المنسجمة مع الطبيعة السودانية إلى درجة التوافق التام، لذا (تنقلوا) منذ أزمان بعيدة بين البلدين وكونوا هناك وهنا ثروات ضخمة وأقاموا استثمارات تم توصيفها على الدوام – هناك وهنا بالوطنية، ولا يجاري رجال الأعمال والتجار في هذه (الانتباهة الذكية) إلا الفنانين والمغنين الذين اكتشفوا منذ أمد بعيد أن (سوقهم) رائجة جدا في تشاد وربما ما يقابلون به من احتفاء هناك يفوق احتفاء مواطنيهم في وطنهم (الشقيق) السودان!
ختم الراوي؛ قال: لماذا لا نلتفت بكلياتنا (مثقفون وساسة وفنانون ومواطنون) إلى الشقيقة تشاد أكثر.
استدرك الراوي؛ قال: تكامل حقيقي بين تشاد والسودان قد يحقق نقلة غير مسبوقة في تلك المناطق (المنسية) في الحدود بين البلدين.

[/JUSTIFY]

أساطير صغيرة – صحيفة اليوم التالي