منصور الصويم

المتبرعون بالمساعدة.. أبداً


[JUSTIFY]
المتبرعون بالمساعدة.. أبداً

يحكى أن إحدى الظواهر الملفتة والتي باتت متفشية لدى الكثيرين هي القدرة (العجيبة) على إطلاق الوعود (الطشاش) وشتل الأمنيات (الكذوبة)، ويحدث ذلك في مواضيع وأمور لا تستحق أصلا أن يورط فيها الإنسان نفسه في كذبة لا تقود إلا إلى إحباط (الموعود) وهزم متلقي الأمنية إيمانا بصدقية مطلقها.. فأصحاب هذه الوعود في الغالب يتبرعون من تلقاء أنفسهم لتقديم خدمات ومعالجة وحل قضايا وإشكالات غالبا ما تكون أساسية ومهمة (جدا) ومؤرقة لدى صاحبها، فيبرز له هؤلاء ويسهلون عليه الأمور ويعدون بالحل وإنجاز المسألة في غضون أيام أو ساعات، مما يجعله يركن تماما لهذه الوعود وقد يبني عليها الكثير من الآمال، كما قد يشيد على أساسها وعودا أخرى يرسلها لآخرين فتنبني شبكة وعدية ضلالية ممرضة ناقلة للإحباط.

قال الراوي: لا ندري إن كان السودانيون فقط من يتصفون بهذه الخصلة (المؤسفة)؛ التبرع بالوعود الكاذبة، وإيهام الآخرين بامتلاك مفاتيح الحلول لمشاكلهم، ثم تركهم في (السهلة) يقضمون أظافر القلق ويشتلون الأشجار في ماء السراب. لكن المؤكد أن كل (منا) قد مرّ بمثل هذه التجربة (المريرة) من سلسلة الوعود التي لا تخلّف في النفس سوى الحزن وتدفع المرء إلى التفكير مليون مرة في المعنى الذي تكمن وراءه هذه الحياة.

قال الراوي: أكثر الوعود التي يجيدها هذا الصنف من البشر- وقد يكون الكثيرون قد مروا بها- هي تجربة التوظيف، فالبحث عن عمل يعد من أكثر الإشكالات التي تواجه الأسر والشباب في هذه البلاد، وكل أسرة تسعى بكل الطرق إلى توفير فرصة توظيف ما لابنها، وهذا المجال يتيح مساحات ضخمة للتحرك لأصحاب الوعود الزيف؛ فيهبون في العادة لتهوين الأمر وقطع وعد (حار) بأن الموضوع “منتهي” و”ابشر” “وولدك اتوظف تب”.. ثم يتركون الأسرة و(الشاب) في حريق الانتظار.

قال الرواي: اللافت في مثل هؤلاء الأشخاص أصحاب الوعود الكاذبة أنهم يورطون أنفسهم في هذه المسألة دون أدنى داع لذلك، ففي الحالتين: إذا تبرع من تلقاء نفسه بإطلاق الوعد أو أكد على من سأله بقدرته على إنجاز المطلوب، يجد هذا الشخص نفسه في (حتة ضيقة جدا) للملاحقات المتكررة من (الموعود) المسكين، وللحرج الذي وضع نفسه فيه بعجزه عن إنجاز ما وعد.. وهكذا يضطر إلى الهروب من المكالمات التلفونية، وإلى إغلاق (الشات) في مواقع التواصل الاجتماعي، وإلى تجنب الأماكن التي يمكن أن تجمعه بـ(ضحيته) على أرض الواقع… إلخ.

ختم الراوي؛ قال: ما الداعي إلى أن تضع إنسانا على (جمر الانتظار) وبإمكانك الاعتذار؟

استدرك الراوي؛ قال: ما الداعي للتبرع بإنجاز ما تعجز عنه وبالتالي (قتل) الروح لدى الآخرين؟.

[/JUSTIFY]

أساطير صغيرة – صحيفة اليوم التالي