أبشر الماحي الصائم

عندما يفشل الكاتب يرسم

[JUSTIFY]
عندما يفشل الكاتب يرسم

*خلال ربع قرن من الإنقاذ لم تصلني رقاع الدعوة الرسمية ولو لمرة واحدة لأسافر صحافياً وئاسياً مع القوافل المتجهة إلى ماليزيا والصين وفرنسا ولا حتى إثيوبيا..
*لكن أول أمس ليلاً استيقظت على مكالمة داوية ذات رقم مميز يبدأ 0123.. فكان التوجيه يبدأ “مطلوب منك أن تسافر غداً إلى الفاشر لتدخل مع قوافل الجيش والمجاهدين إلى أتون المناطق التي سيتم نزعها قوة واقتداراً من قبضة جيش تحرير السودان”.
*وتأملت في فحوى هذه المكالمة وتساءلت، إن كان القوم يتمنون لي الشهادة، أم أننا الأقل خسارة إن رحلنا، ونحن في السودان نهوى أوطانا.. وإن رحلنا بعيد نطرى خلانا..
*تمنيت على الأقل أن تُوزع الفرص بالتساوي، وذلك على طريقة (الضاق حلوها يضوق مرها)، لتكن أولوية المناطق الساخنة للذين سبق لهم أن ذهبوا إلى المناطق الباردة!
*أم يا ترى أن التصنيف يُعمل وفق معايير أخرى (أن يكون للمناطق الباردة بطون وللساخنة شجون).
*أعظم ما في هذه الحالة (أن يذكرك إخوانك ساعة الشدة)، وأن يذكروا آخرون ساعة الدعة!.. شكر الله الشدائد.
*والشيء بالشيء يذكر، على صدر الإنقاذ والمبادئ والمثل والتجرد على أشدها، فعلى حين خطبة لشيخ وقور في مناطق العمليات، استجاب أحد الإخوان وتزوج من (أخت جنوبية)، وذلك في إطار المشروع والفكرة!
*ثم لما عاد صاحبنا وأخبر زوجته بذلك التي هي بنت عمه وهي يومئذ من الأخوات المسلمات، فكادت في بادئ الأمر أن تسقط في امتحان الفكرة لولا أن الرجل لاحقها بقصص وسير الأولين، على أن هذه الخطوة جاءت متسقة مع المبادئ والفكرة اللتين التقيا عليهما قبل أن يجمع بينهما الدم وصلة القربى!
*فرضخت أخيراً وأذعنت للأمر الواقع إلا أنها اشترطت عليه وهو يومئذ رجل عمليات بامتياز ما يأتي من متحرك إلا ويتحرك في آخر، واشترطت عليه أن يأخذها معه في أقرب عملية لعلها (تنال الشهادة)! وهي بذلك تمنى لها الخير وحسن الخاتمة!
*وقصة أخرى، قيل إن مغترباً باهظاً في أزمنة الاقتراب الأولى قد نزل البلد غانماً محملاً بالشنط والهدايا (والقصة مشهورة)، فطفق يوزع الهدايا يميناً وشمالاً، وكان بمعية خاله الذي ظن أن ابن اخته يخبئ له هدية كبيرة، فلما فرع المغترب من توزيع الهدايا التفت إلى خاله وأهداه مصحفاً شريفاً على أن الذي يكنه للخال هو أعظم من كل حطام هذه الدنيا، فقال الخال قولته المشهورة تلك (كتاب الله يا ولدي ما بناباه إلا قيمتك لخالك عرفناها)!
*وللذين يقرأون بتطرف، أنا أتحدث هنا عن (الرحلات الرسمية) التي تنظمها الجهات الإعلامية الرئاسية في القصر الجمهوري وغير القصر الجمهوري..
*آخر عهدي بتلك الرحلات كانت مع (شيخ علي) الله يطراه بالخير وكانت وجهتها إلى مدينة الدمازين.. كان ذلك في سياق التبشير (بسلام نيفاشا).. ذهب الجنوب وذهب شيخ علي والقوم هم القوم كأنهم قريش.
*ثمة شيء جدير بالاحترام والاهتمام، هو صحيح أن الانتماء للفكرة لا يشترط ثمناً ولا نشترط ثمناً ولا تذكرة.. غير أن بعض الوفاء والإنصاف يحملك أكثر بالايفاء بعهد الفكرة ولا يمنحك..!
أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه.. إنه هو الغفور الرحيم.

[/JUSTIFY]

ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي