الطاهر ساتي

الشعب نعمة

[JUSTIFY]
الشعب نعمة

:: صحابياً يسأل المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( أرأيت إن جاء رجلاً يريد أخذ مالي؟)، أي ما الموقف إذا تفاجأت بلص؟، فيرد المصطفى : ( فلا تعطه مالك؟)، و يسترسل الصحابي : ( أرأيت إن قاتلني؟)، أي ما الموقف إن كان اللص مسلحاً؟، فيرد المصطفى : ( قاتله)، فيسأله الصحابي متوجساً : ( إن قتلني؟)، فيرد ( فأنت شهيد)، فيطمئن قلبه ثم يسأله : ( و إن قتلته؟)، فيرد المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( فهو في النار).. ومع ذلك، أي رغم وجوب الدفاع عن المال والنفس، لا يزال القانون بالسودان يحكم للصوص بالديات أو التعويضات في حال الإعتداء عليهم – من قبل أصحاب المنازل وجيرانهم – أثناء ( ساعات السرقة)..وما قضية المواطن أحمد عيسى بالحاج يوسف – سردت وقائعها يوم الخميس الفائت – إلا محض نموذج..أي، كثيراً ما يتحول اللص إلى ضحية حين تحوله المحكمة إلى ( كشف طبي)، ويصبح الشاكي – و أحياناً الشرطي – متهماً بالإعتداء..!!

:: وبالمناسبة، في الخاطر أيضاً وقائع قضية المواطن أحمد جعفر بأبو آدم..قبل عام، تفاجأت زوجته باللص وإستنجدت بالجيران الذين حاصروا المنزل ثم طاردوا اللص وقبضوه وسلموه لقسم الشرطة بالكلاكلة القلعة وفتحوا البلاغ بالرقم (1747)، وبالمادة (147).. ولكن عند جلسة المحاكمة الأولى، وقف المتحري وحده أمام المحكمة قائلاً : ( فكينا الحرامي بالضمانة، ما عندنا أكل للحرامية).. ثم كانت الجلسة الثانية، ولم يأت اللص ولا الضامن .. ثم كانت الجلسة الثالثة، وغاب اللص والضامن أيضاً، فأمرت المحكمة الشاكي بإحضار (اللص أو الضامن)، أي تم تحويله من شاك إلى شرطي، فخرج جعفر من القاعة بلسان حال قائل : ( خلاص خليناها)، وكل الوقائع بالأرشيف بعنوان ( ماعندنا أكل للحرامية)، و هكذا كان تبرير إطلاق سراح ( حرامي)..نعم، نؤمن بأن المحاكم هي الفيصل لكل القضايا، ولن نبرر للناس أخذ حقوقهم من اللصوص بأيديهم، وكذلك لن نبرر لهم الإعتداء على اللصوص ما لم يكن دفاعاً عن النفس..ولكن، على القوانين – و سلطاتها – عدم إرغام الناس على مخالفة القانون بمثل تلك (اللولوة والجرجرة).. يجب حسم قضايا الناس – بالعدل – سريعاً، وهذا ما يسمونها إختصاراً ب ( العدالة الناجزة)، أي الإتقان والسرعة.. وليس من العدل ترسيخ نهج ( فكيناه بالضمانة، عشان ما عندنا أكل للحرامية)، مثل هذا اللا منطق يحول ثقافة المجتمع إلى ( قانون غابة )..!!

:: و نرجع لقضية أحمد عيسى ، فالمؤلم فيها بقاء أحمد سجيناً تسع سنوات بعد إكمال عقوبة السجن – سنتين – لعجزه عن دفع دية اللص ( 30.000 جنيه)..سنوياً يقدم ديوان الزكاة – وكذلك مشروع الراعي والرعية – تقريراً مالياً بالمدفوع للنزلاء ( ديات و ديون)، ومع ذلك إنتظر أحمد بسجن الهدى تسع سنوات..المهم، كالعهد بهم دائما في الشدائد والملمات، تجاوب أفراد مجتمعنا مع قضية أحمد التي سردتها تحت عنوان ( مطلوب سوداني أو أكثر) ..رسالة الفجر كانت من الأخ عادل إدريس : ( سلامات، مبلغ أحمد جاهز، أعانك الله ).. وتلتها رسالة أخرى من رجل أعمال – صاحب مجموعة ناجحة -عرف عنه البعد عن الإعلام، عبر صديق : ( يوم السبت خلي المحامي يجي يشيل القروش).. وفاعل خير يتصل بقسم الاعلانات : ( ده رقمي، المبلغ المطلوب معاي، خلي ساتي يتصل).. و رسالة من الأخ الدكتور طارق سيد أحمد : ( بخصوص أحمد، بطرفي 17 مليون، تحياتي).. و أخرى من الأخ أيمن حامد، و.. و..و.. لن تسع الزاوية رسائل الإيميل ولا رسائل أحبابي بموقع التواصل الإجتماعي ( فيسبوك)..وليس في الأمر عجب، ( ده السودان ).. ولذلك، عندما تصيبنا سياسة الساسة – وقبح السلطات- بالإحباط، نحمد الله على ( نعمة الشعب)..!!
[/JUSTIFY]

الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]

تعليق واحد

  1. يا أستاذ ساتى ,,,,,أكثر قراءة الاحاديث النبوية الراسخة فسوف تكتشف نماذج لا حصر لها من الموطنين الذين تجرعوا مرارة الظلم بل كادت رقابهم أن تطيح لولا رحمة الله, ليس بسبب أفعالهم بل لقيح القوانين السودانية والاجراءات الجنائية السائدة والثغرات والثقوب الوفيرة في هذه الاجراءأت والقوانين وطرق الاثبات العقيمة.