داليا الياس

مخاوف

[JUSTIFY]
مخاوف

# نخاف من الفشل.. من الفقر.. من أن يرحل عنا يوماً الحبيب.. نخاف أن يتركنا الزوج.. أن يهجرنا الأبناء.. أن يخوننا ألأصدقاء.. أن يقعدنا المرض.. أن يغتالنا الموت..
نخاف من اليوم.. وغداً الذي ربما لا يأتي.. من أصحاب الكراسي والمناصب وأصحاب القرار.. هو إحساس بالخوف قد لا يستشعره الشباب، بقدر ما بت ـ وأنا على مشارف الشيخوخة ـ مرهونة له. يسيطر على خاطري وسواس الرحيل وهاجس العمر القصير الذى لم يبق فيه أكثر مما مضى.. وهل يكفي ما تبقى لي من سنوات لأحقق فيه أحلامي التي انتقلت تدريجياً لترتبط جميعها بالأبناء؟.. هل أمامي متسع ٌ من الوقت لأجمع ما يكفي من حسنات تقيني عذاب جهنم وعذاب القبر؟
# يريحني جداً إيماني المطلق بأن (لا تقنتوا من رحمة الله).. ولكن ماذا عن عباد الله الذين ضاعت الرحمة من قلوبهم فتحولوا إلى وحوش بشرية تسعى في كل المرافق والأمكنة والجهات؟..ماذا عنهم وهم يمارسون ضد بني جلدتهم الظلم.. والجحود.. والحسد والاستغلال.. وأفاعيل أخرى قد لا تكون اللغة العربية قد وضعت لها تفاسير ومسميات بعد..؟
إذ لم يخطر ببال العربان يوماً ما نحن عليه اليوم من سوء.. وغدر.. وخيانة.. ونفاق.. وإجرام.. وغرور، حيث بات كلٌ منا يتناسى ماضيه حالما يسر الله أمر بعض التغيير اليسير في حياته نحو الأفضل ـ هذا إذا اعتبرنا أن الثراء المفاجئ وسعة العيش المسثحدثة تعد أفضلية ـ بغض النظر عن المصدر أو الكيفية المستخدمة فى إحداث ذلكم التغيير النوعي الذي في الغالب يكون مصحوباً بترد مريع في المبادئ والقدره على التواصل مع الآخرين.
لهذا يحاول مستجد النعمة هذا أولاً الهروب من كل الذين يمتون لماضيه المتعسر بصلة.. فلا يعد لهم مكانا في مساحات يسره الجديد التي يجتهد في ملئها بالشخوص الفخيمة والأسماء الرنانة حيث يكون النفاق هو سيد الموقف وحسابات المصالح المتبادلة هي اللغة الوحيدة المتداولة هناك.
# فهل تدركون البعد الحقيقي لمخاوفي؟.. إننى أخاف ـ إذا ما تحققت أحلامي وأحرزت ما أرجوه من نجاح وأمّنت حياة أبنائي كما يجب ـ أخاف أن يرفضني جلدي.. أن تتبدل ابتسامتي.. أن تتجمد مشاعري.. وتتغير اهتماماتي.. ويكرهني أصدقائي الذين بالضروره قد أمعن في تجاهلهم والتعالي عليهم وتفريغ شحناتي السادية المريضة فيهم.
أخاف أكثر أن يسري داء العظمة في عروقي فلا أعد أرى أفضل من نفسي.. ولا أحكم من قراراتي.. ولا أجمل مما بين يدي.. ويصبح كل من عداي وما عداي لا شيء, فالعلم علمي والسلطان سلطاني والمجد مجدي والمال مالي.. ولي بعد ذلكم أن أفعل ما يحلو لي بعباد الله من مّنٍ وأذى وسخريه وتقريظ واستخفاف.. وكأني بفرعون جديد يبعث إلى الأرض.. ويا لما لاقاه فرعون بعد ذلك!.
# إنني الآن أمر تماماً بمرحلة حرجة من الخوف والقلق والتمني.. غير أنني أؤكد لكم بكل صدق رغبتي الأكيدة فى البقاء على ما أنا عليه من طفولة خفية.. وسذاجة متوارية.. وبساطةٍ مريحة.. مع احتفاظي الكامل بالحميمية النبيلة في علاقتي بأمي وأبنائي وصديقاتي وزملائي وحتى قرائي.. دون أن تدفعني نفسي الأمارة بالسوء للغرور الذي يجعلني فريسةً للأفكار السوداء والشك في نوايا الغير والخوف من المجهول والمعلوم معاً..
ولكنى ـ برغم مخاوفي ـ أتطلع لواقعٍ أفضل في هذه الحياة الزائلة.. هو طموحٌ أكبر من مخاوفي ومشاهداتي وإيماني المطلق بقِصر أعمارنا..
فماذا أفعل وكيف أزن المعادلة بما يحقق لي حياةً كريمة وميتةً كريمة..؟ الأولى بالنجاح والمجد ونجابة الأبناء.. والثانية بالذكرى الطيبة والدعاء الصادق والنفوس الراضية والثواب الكبير.. كيف؟
تلويح
(اللهم إن كانت خلافتك لنا في مالٍ أو جاه ستجعل الأكف تٌرفع إليك بالدعاء علينا.. وتجعل القلوب ساخطةً متألمة منا.. فاعفنا منها.. آمين)

[/JUSTIFY]

إندياح – صحيفة اليوم التالي