الوجبة الذكية!
رغم أن الإجازة المدرسية قد ساوت في ايقاعات الأيام على تواجد الأسر بالبيوت إلا أن الجمعة تظل ذات خصوصية بما تعود على جعلها فاصلة إجازة ما بين تواتر الأيام.. ففي الاستعداد لصلاة الجمعة برنامج مرتبط بما يشبه الاحتفاء بصلاة العيد.. «صديقتي» تشكو لي هذه الأيام من فقدان جمعتهم لبريقها قائلة «يا كافي البلاء.. الأولاد والبنات وأبوهم بقوا ما فارزين الأيام.. اليوم كلو مبلحقين في هواتفهم الذكية.. وقسماً بالله الأكل دا أقرب أجبرهم عليه.. ولا مرقة ولا دخلة بس أها..».. وحالة التنظير تأخذنا لأبعد المدى إلى أننا نجيد الاندماج مع التقنية في التسلية والترفيه ولو راجعت «صديقتي» محتوى ما يشغلهم جميعاً لوجدت أنهم يتراسلون في المضحكات، وتبادل التحيات والصور الظريفة، وبعض التراشق بالنكات والكلمات بصورة زائدة حدَّ الترف.. ثم أنهم باتوا ليل نهار لا يفارقون هذه المدعوة الذكية.. «هي» ترى أنه لابد من إعداد خطة محكمة لمجابهة الغزو الجديد ولانني أعرف طريقة تفكيرها البئيسة طالبتها بملخص الخطة.. وكانت المحصلة تماماً كما توقعت منها «أقرب الطرق للقلوب المعدة».. تقول «لابد من تغيير حقيقي في شكل وجبات الجمعة عشان الجماعة ديل يمرقوا من سجن الموبايلات دا».. رغم أنني على يقين تام من أن خطتها فاشلة إلا انني دعوت نفسي للافطار معاها يوم الجمعة الفائتة ودلفت إلي عمق مائدتها «الذكية».. فوجدت فيها كل مكونات «فطور العريس عدييل كدا».. لكن النتيجة شنو.. تحلقوا جميعهم حول المائدة بصورة خاطفة أخذ الولد الكبير قطعة طعمية على عجل واشار إليها بحركة يديه التي تعني «تمام» أما البنت فأخذت ليها «قطعة» من القراصة المغرقة في الدمعة وأشارت إليها «بحركة الخندقة» وكان الأب أكثر لطافة بأن أدخل يده في السلطات على عجل وتمطق واشار اليها برأسه مرفقاً عبارة تسلم يدك «يا أم حمودي» وعادوا جميعهم لهواتفهم الذكية!!! وانفض المولد وبقينا أنا وهي.. نأكل ونشكِّر في محتويات الصينية «دمعة السرور.. طعمية الهناء.. شعيرية البنات.. و…» ونضحك على فشل خطتها.. فما كان مني إلا أن قلت لها «يا وهم انت ذاتك أعملي زيهم واشتري هاتف ذكي وخشي معاهم وعليهم حتى الأكل دا ناديهم ليهو بالواتساب.. دي الخطط وللا بلاش» ضحكنا حتى بانت نواجزنا واكلنا حدَّ الترف والشبع الفارط وبعد داك زي ما قال أحدهم اتفقنا على أنه «بيناتنا التلافين».. وقد نجحت الخطة مئة بالمئة فقد صارت «صديقتي».. تتأفف من رسائلهم بالواتس أب.. الزوج «يا زولة ما في أكل؟» الولد «يا حجة شنو نحنا جعانين».. البت «يا مزة ما في غداء وللا شنو» وهي آخر طناش ودردشة..
٭ آخر الكلام: إن انغمست الأسر مع التقنية لهذه الدرجة.. فليأكلوا دردشة.. ويشربوا الصور.. وليتنفسوا نكاتاً.. وليبيعوا القضايا وخليهم آخر ترفيه وونسة أو كما غنت الفنانة «حلاة قمر العشا مع الونسة والدردشة»..
[/JUSTIFY]
سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]