العشم باكر
*قرأ علينا ربان الطائرة دعاء السفر.. وتلا علينا طاقم الضيافة تعليمات الرحلة.. والتزمنا جميعاً بربط الأحزمة والدعاء حالما بدأت طائرة الأحلام تنزلق على مدرج الصحافة استعداداً للتحليق فى سماوات التميز والموضوعية والنجاحات الكبيرة التي حققناها على الأصعدة كافة.
لقد منحني هذا العام القصير في مداه الزمني.. الطويل بحسابات الإنجاز تحت سقف (اليوم التالي) كل ما تمنيته وأكثر.. الاستقرار المعنوي والمهني والمادي.. الشهرة الإيجابية.. النجاح الأدبي والشعري.. والمزيد من القراء الأخيار المحترمين والصداقات النبيلة والمحبة الخالصة.
لقد كان بحق (تحليقاً) واضحاً.. وطوافاً مفيداً في رحاب تجارب الزملاء الذين أستمتع بكتاباتهم وأفكارهم ولغتهم الرفيعة مثل كل القراء وأتزود بخبراتهم وعباراتهم ومفاهيمهم.. وأشعر بضآلتي الدائمة أمام همومهم وقضاياهم ومستوياتهم المتقدمة.
وكم سعدت بالأسماء البراقة التي نلت شرف مزاملتها في (اليوم التالي).. بذات القدر الذي أسعدني بالعمل ضمن هذه الكوكبة النيرة وتحت القيادة الرشيدة للأستاذ المتكامل (مزمل أبو القاسم) الذي أقل ما يقال عنه أنه رجل محترم و(ود ناس)، وكفى.
وكانت جميلتنا الرشيقة بقدر العشم.. دخلت البيوت والقلوب.. وشغلت الخواطر والعقول.. مقياسنا لذلك نسب التوزيع والرسائل التي ترد من (طرف القارئ الحبيب) والتي تتجاوز في المتوسط يومياً الـ 400 رسالة تحمل التعليقات القيمة والنداءات المهمة ووجهات النظر المفيدة وحتى النقد البناء والخواطر والقضايا المقترحة.. وتمثل جزءاً أصيلاً من كيان الصحيفة التي أرادت دائماً أن تخرج من قلب المجتمع وتكون حلقة الوصل بين القاعدة العريضة والقيادة لتتمكن الأخيرة من أن تكون رشيدة وعادلة.
أسماء عديدة ازدحمت داخل المبنى الحميم الكائن في قلب الخرطوم وكأنه خلية من النشاط الدؤوب لخدمة الفكر والإنسانية.. وكلها لعمري أسماء مميزة حتى تلك التي رحلت عنا على مضض سعياً وراء الرزق..
علاقات وطيدة نمت.. ولحظات جميله احتشدت بها الذاكرة.. ومواقف رائعة خلدت.. وتاريخ طيب من التواصل الحميم والصدق والحماس سطرته الأيام على جدار الصحافة السودانية بماء الذهب تحت مسمى (اليوم التالي).!!
إن المقام لايقتصر على المدح والتغزل والعبارات الفخيمة.. وقد يرى البعض ما لا نراه.. وقد تحملنا أقدارنا بعيداً، ذات يوم لا قدر الله.. وقد أكون من المحظوظين الذين لا يلتزمون بالدوام اليومي ولا يستشعرون عملياً حجم المعاناة الحقيقي الذي يحياه أهل (اليوم التالي) ومهامهم التحريرية الجسام.. بيد أن الحق أبلج من ضباب عواطفنا.. وعين الرضا بإمكانها أيضاً النظر بحياد.. وهو ما يجعلني أستمر في إشادتي بهذه الصحيفة المختلفة في الشكل والمضمون والموارد البشرية من واقع التجربة والتعليقات التي تردنا والضجة التي أحدثتها.
ثم هاهي أمنياتي المبذولة لها بدوام الاستقرار والصدارة.. وأن يجنبها الله الفتن والمحن.. ويديم علينا المودة والاحترام.
وأسمحوا لي أن أحيي امرأة عظيمة تقف بكامل التجرد والولاء خلف (اليوم التالي) وقائدها.. لا تدخر جهداً.. وتفاجئنا بمبادراتها الإنسانية دائماً.. إلا وهي الباشمهندس/عفاف محجوب حرم الريس مزمل أبوالقاسم وصديقة (اليوم التالي) الصدوقة.
ثم شكراً للقراء على احتمالنا والولاء لنا..
وشكراً لكل من استجاب لنداء وأجاب على استفسار موضحاً جلية الأمور الخفية من المعنيين..
شكراً لجنودنا المجهولين في (اللآب) من مصممين ومصححين وجِمِّيعين احتملوا قلقنا وعثرات قولنا..
شكراً لأمي.. مستشارتي الأولى.. وأطيب النقاد الأدبيين.. وكل عام والجميع بألف خير.
تلويح:
نحلق بعيداً.. نحو المدن البهية الغد.. لا مطارات تحتمل الهبوط.. ولا ينفد منا وقود الإبداع.. وتلوح مناديل الجميع بالمحبة.. دمتم.
[/JUSTIFY]إندياح – صحيفة اليوم التالي