هذا الميدان.. فأين الجماهير؟
*قال أحد العارفين بعد أن فرغ من السجود وهو يمر بالآية الكريمة، “ويخرون للأذقان سجداً وبكياً”، قال “هذا السجود فأين البكاء”!
*أحد الزملاء المحترمين ممن ظلوا يدعون بشدة إلى عصر الانفتاح والحريات، كتب متحسراً ليس على ردة الحزب الحاكم وتضييق الحريات من جديد, ولكن تحسر على عدم اتساع المد الجماهيري، وضيق الحضور، وقلة الإقبال على الندوات الحزبية التي أُقيمت حتى الآن، ويرى أن القصة حتى الآن غير مبشرة ما لم (يسخّن المتحدثون) ويعلون من وتيرة الخطابات الملتهبة، فلعل أن دوائر الحضور الجماهيري تتسع بعض الشيء! وبدا أن الكثيرين يخشون الشماتة والأسئلة المقلقة على شاكلة (هذه هي الحريات التي أنفقتم لها عقوداً بأكملها من المطالبات، ففي المقابل أين الجماهير التي ظللتم تتحدثون باسمها، فقد حضرت الحريات وغابت الجماهير؟!).
*في أحدث مؤتمر صحفي للسيد السنهوري أمين سر حزب البعث العربي الاشتراكي قطر السودان، قال رجل السناهير والبعث الجهير إن الحزب الحاكم أخفق في تمهيد الطريق إلى مائدة الحوار، ذلك لكونها جاءت (بدون عنوان وبلا أهداف)!
*ودعوني أقف هنا عند قول الرجل السنهوري (إن الدعوة جاءت بدون عنوان وبلا أهداف)، وأزعم – والحديث لمؤسسة الملاذات الجناح الإستراتيجي – أن الدعوة لو جاءت (بعنوان وأجندة) لخرج علينا الرجل ذاته ينعي الدعوة إلى الحوار، وفي هذه المرة (بأن المؤتمر الوطني قد حدد سلفاً الأجندة والعنوان والأهداف، وهو يفتأ يشتري الوقت!).
*والحقيقة هي كما تخوف منها زميلنا الكريم، وهي أن بعض الأحزاب عالية الصوت، كثيرة الصخب والمؤتمرات، قليلة الجماهير والحيلة، لا ولن تقبل مثل هذه الحوارات ولو أتت مبرأة من كل عيب.
والسبب هو أن هذه الطاولة المستديرة ستفضي لا محالة إلى أدبيات (الاحتكام إلى صندوق الجماهير)، على أن بعض الأحزاب التي بالكاد لا تقوى جماهيرها لملء (عربات أمجاد شارع المزاد) ستهرب إلى الأمام ولن تقعد على طاولة تفضي إلى ديمقراطية وانتخابات.
*تعلل أيضاً الأستاذ سنهوري باشتراطات الحكومة بأخذ الإذن قبل أربع وعشرين ساعة من التجمعات والمسيرات، على افتراض أن ذلك تقييد للحريات، وربما رعاة الضأن يدركون أن أي حكومة محترمة في الدنيا تحتاج لوقت لأجل حماية النشاط ذاته وتنظيمه، ولاسيما في بلد مثل السودان يرزح تحت بعض الإحن والاحتقانات!
*وما لم يقله رجل البعث الكبير، هو أن هذه الميادين الكبيرة ستحرج الأحزاب ذات الجماهير الصغيرة، وسترون أن أحزاب تحالف المعارضة لن تذهب فرادى إلى ميادين الجماهير، ولكنها ستذهب دائماً تحت لافتة التحالفات والتجمعات الهلامية!
*دعونا من ذلك كله (ألم تسقط فكرة البعث في موطنها الأصلي؟) أنظروا إلى دمشق وبغداد والفلوجة لتدركوا خطورة هذه الفكرة التي يراد لها أن تحكم بلاد النيل والشمس والأفارقة! فنحن دولة أفريقية قبل أن تكون عربية! ولنا عودة..
*شيء آخر.. رحل عن دنيانا الفانية هذه الأيام رجل العلم والمنابر التربوية الأستاذ المربي الجليل (الأمين عجول) الذي تربت وترعرعت على تباشيره وتبوشورته أجيال بأكملها، هكذا يرحل المربون بصمت لا أقلام ولا أعلام ولا بواكي لهم، نتقدم بأحر العزاء وأصدق الدعوات لأسرته.. أسرة عجول الجهيرة ببربر وحلة يونس والخرطوم ولاسيما ابن عمه الأخ محمد طاهر عجول، وجميع الأسرة والأهل، ولكل تلامذته وعارفي فضله.. له الرحمة (إنا لله وإنا إليه راجعون)..
[/JUSTIFY]ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]