أزمة ولاية الخرطوم
إن قدر ولاية الخرطوم في مونديال (تيم الولايات) بمثابة (حارس المرمى)، فحارس المرمى الذي يدخل في مرماه هدف قاتل ينزل على إثره فريقه إلى الدرجة الثانية، لن يذكر له جمهور المشاهدين بأنه ذات الحارس الذي صدَّ عشرين كرة خطرة!
*ويتعقَّد مشهد إستاد الولاية الخرطومية أكثر لكونها ولاية (الأرض والجمهور) ذات السبعة ملايين متفرج، التي تتساقط على ملعبها أضواء كاميرات التلفزة بكثافة، فهنا أمام مرمى الحكومة الاتحادية الأخطاء مرفوضة تماماً، فعلى الأقل إن تغييرات حكومة الدولة السودانية لا تحدث في إقليم دارفور ولا في جنوب كردفان والنيل الأزرق، ولكن التاريخ يكتب هنا حيث الإذاعة والتلفزيون والقيادة العامة والثورات، الخرطوم حيث (الرئيس بنوم والطيارة تقوم)!
*فحكومة الدكتور عبد الرحمن الخضر التي نجحت في صد كثير من الهجمات الخطرة وحافظت في أوقات كثيرة على نظافة مرماها، الآن تكاد تهزم بهدف (أزمة المواصلات ) القاتل!
*وسوف لن يذكر المواطن الذي يقف تحت لهيب شمس أبريل لساعات بأكملها ينتظر وسيلة مواصلات لن يذكر شيئاً من (ثورة الأرصفة والطرقات) التي تندلع تحت قدميه، وقديماً قال أهلنا في البادية (الزل بونسو غرضو).. وأنا غرضي أكان ما انقضى خلي دار جعل تنهد! وهنا تكمن جدلية التقييم، فلئن صنعت طرقات وعاصمة (بنيلها وأزهارها وطرقاتها ونخيلها) فلن تهتف الجماهير بباقي شطرة البيت (ماهي دنيتنا الجميلة) إلا حين تكتمل لبنة المواصلات.
*كأن يمر رجل زائر بوسط مدينة الخرطوم ويحتفي بكثير من اللمسات واللبنات والبنايات، ثم يرجع إلى نفسه قائلاً (هذا البنيان لو وضعت تلكم اللبنة) فيا دكتور ادركوا (لبنة المواصلات)!
*صحيح إن الخطأ في ولاية الخرطوم العاصمة الاتحادية بعشرين خطيئة في الولايات الأخرى، لكونها المركز الذي يستضيف الزوار والسفارات والوزارات، غير أن الحكومة الاتحادية لن تزيد الخرطوم إلا رهقاً، بمعنى أن الوزارات الاتحادية لن تلتفت إلى (سفاسف أزمات ولاية الخرطوم) فوزارات النقل والمواصلات غير معنية بالأزمات التي تجري تحت عينيها! فلو لا تضافرت الجهود…
*قدر آخر، هو أن (ولاية الخرطوم) هي (عاصمة المشروع) أو تذكرونه! أحد أخوالنا عندما يأتي للخرطوم يفتأ يقيِّم (مشروع تطبيق الشريعة) بما يشاهده من مناظر بميدان أبو جنزير بوسط المدينة، فلئن رأى فتاة واحدة كاسية عارية فهو يقطع مباشرة بأن لا شريعة للقوم، قوم الشيخ عبد الرحمن الخضر إن لم يصعد بالمشيخة مباشرة إلى الدكتور حسن الترابي خاصة بعد (اللمة الأخيرة)!
*خطورة أمر عاصمة المشروع في ظل أزمة المواصلات أن يستعصم بعض الغلاة بالآية الكريمة (وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ).
*سيدي الدكتور الخضر، الأزمة الأكبر بتقديري تكمن في أننا لم (نبذل عصفاً ذهنياً كافياً) تجاه أزمة المواصلات، الفقر لم يكن في مواردنا على شحها، ولكن الفقر يكمن عقليات إدارة الأزمة، فليتكم تشركوا المجتمع المدني بشركاته والنخب والإعلام والمهتمين.
لم يكن (بص الوالي) حلاً.. البص الذي يديره سائقان وكمساريان ومفتشان، وينتظره في المكتب موظفان، وفي الورشة مهندسان، لا يعقل أن بصاً واحداً ينتظره عشرين موظفاً يمكن أن يكون له فضل ظهر.. البص في القطاع الخاص يديره (سائق وكمساري) من صباح الرحمن إلى مساء الرحيم..
*ليس هذا كل ما هناك، ولنا دعوة وعودة..
ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]