جعفر عباس

قصة القطة اللقطة


[JUSTIFY]
قصة القطة اللقطة

قطة بخمسين ألف دولار؟ عادي، فهناك من يدفعون مئات الآلاف نظير قطة سيامية، وفي تايلند يصل سعر القطة العوراء إلى نحو 100 ألف دولار أمريكي، ولهذا تجد هذا النوع من القطط في بيوت الأغنياء الذين يعتقدون ان القطط العوراء فيها البركة ووجودها في بيوتهم سيزيد من ثرواتهم، مما يؤكد ما سبق أن قلته مرارا وهو أن هناك خيطا رفيعا جدا بين أن تكون غنيا وأن تكون غبيا، وفي المقابل فإنني على كامل الاستعداد لدفع بضعة آلاف لتفادي رؤية أي قطة من أي نوع، فهي في نظري حيوانات أنانية ومغرورة وناكرة للجميل، ودلوعة.. الكلب مثلا يدلِع صاحبه، ويلاعبه، ولكن القطة تريد من الناس أن يدللوها ويدلعوها.. وبصريح العبارة فإنني أكره القطط، وبصراحة أكثر فإنني أخاف منها، وربما منشأ ذلك (كما كتبت هنا عدة مرات) أن الأتراك، وخلال حكمهم للسودان كانوا يعاقبون العاجزين عن دفع الضرائب بحبس القطط داخل سراويلهم ثم ضرب القطط المحبوسة في ذلك الموقع كي تجد لنفسها مخرجا مستخدمة مخالبها وأنيابها. وطبعا لتفادي تجربة كتلك كان الناس يدفعون ضرائب جيرانهم وموتاهم! والقطة أم خمسين ألف دولار «غير شكل».. فقبل بضعة أشهر ماتت الآنسة نيكي وهي قطة كانت تملكها سيدة أمريكية من مدينة دالاس الأمريكية عن عمر ناهز الـ 17 (وهو عمر طويل جدا بالنسبة الى القطط)، فحزنت صاحبتها إليزابيث، ولجأت إلى شركة في ولاية كليفورنيا لاستنساخ نيكي ودفعت ذلك المبلغ الضخم، وفي يناير الماضي تم تسليمها نيكي الجديدة المستنسخة عن الفقيدة الكبيرة.
الغريب في الأمر أن التي دفعت ذلك المبلغ لاستنساخ القطة سيدة تشغل وظيفة سنكوحة في شركة طيران (أحب الكلمات من شاكلة سنكوح وخرنق لأنها أصلا عديمة المعنى ولكنها توصل المعنى المطلوب بدون شرح، وهي مثل كاشخ المستخدمة في الخليج لوصف الشخص المتأنق، ومتشنكح أو سحسوح في العامية السودانية ويوصف بها الشخص الذي يولي مظهره اهتماما يفوت الحدود المتعارف عليها).. وقد أعربت صاحبة القطة عن سعادتها بامتلاك نسخة جديدة من القطة الراحلة، وأقامت حفلا بتلك المناسبة في فندق فخم، وكتبت الصحف الغربية عشرات المقالات عنها بلغة فيها الكثير من التعاطف، بل والتمجيد، لكونها وفية لذكرى قطتها النافقة!! وددت لو أراسل تلك الصحف (باسم مستعار طبعا لأن انتقاد الحيوانات صار مثل معاداة السامية تهمة قد تجرجرك إلى غوانتنامو أو لاهاي)، وأقول لهم إن «بنت الذين» تلك لو أعطتني ذلك المبلغ لاشتريت لها به ألف قط وقطة عربية في حدود 500 دولار، لتوفر 49 ألفاً و500 دولار تستعين بها على سنوات شيخوختها، وخاصة أن من يتعلقون بالحيوانات الأليفة هم عادة أناس «مقطوعون من شجرة»، أي بلا أقارب أو أصدقاء «عليهم القيمة».. بخمسين ألف دولار كان بإمكانها أن تتبنى خمسة أطفال من رومانيا أو لاتفيا.. ولو أعطتني نصف ذلك المبلغ لاشتريت مئات الأمتار من الأقمشة وأتبرع بها للمطربات الفقيرات اللواتي نراهن على شاشات التلفزيون يرتدين بلوزات وتنانير (سكيرتات) أصغر من «مقاساتهن»، مما يجعل السرة والأفخاذ مفتوحة.. علما بأنهن يقدمن أغنياتهن في ستوديوات مكيفة الهواء، والبطن إذا تعرض للهواء البارد أصيب بمغص، والمغص يسبب الإسهال.. وأنا على ثقة بأن إحدى المطربات «ستعملها» يوما ما على المسرح وأمام الجمهور بينما هي تتلوى وتتثنى كي تجعل البلوزة أقصر
وبالمناسبة ففي كثير من البيوت العربية تفشت موضة اقتناء حيوانات أليفة، ولا ضير في ذلك، ولكن وجود قطة في بيت فيه امرأة حامل يضاعف احتمالات إصابتها بالحصبة الألمانية وفقدانها لجنينها! هل تضحين بطفلك من أجل قط؟

[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]


تعليق واحد