ضياء الدين بلال

اللصوص أصبحوا “قدوة”!


[JUSTIFY]
اللصوص أصبحوا “قدوة”!

كما توقعتُ؛ سادت حالة إحباط واسعة، من طريقة المعالجة التي تمت، لقضية الفساد المالي بمكتب والي الخرطوم، الدكتور عبد الرحمن الخضر.
شبه إجماع لاحظته، في التعليقات والكتابات والنقاشات، التي دارت بعد صدور قرار لجنة التحقيق، على أن ما تمَّ يعد أخطر من الجرم في حد ذاته!.
مصدر الخطورة أنه يساعد على إشاعة فاحشة الفساد، ونهب المال العام، ومن ثم التحلل بما هو أقل من غسل الجنابة!.

ما حدث يناقض فلسفة العقاب، في الردع المعنوي للآخرين، حتى لا يقترفوا مماثل الإثم.
التحلل بتلك الطريقة الهزلية العابثة؛ يُغري بممارسة جريمة نهب المال العام، عبر التزوير وخيانة الأمانة، ومن ثم الخروج من القضية، على قول الإخوة المصريين: (مثل الشعرة من العجين).

سادتي:
الأمر يحتاج إلى تدخل سريع وناجز، لتدارك ذلك الخطر العظيم، الذي يجعل المعالجة أخطر من الجرم!.
فمن فواجع الزمان، أن تصبح نماذج محاربة فساد الأفراد، أحد أسباب إشاعة الظاهرة في عموم المجتمع!.

أقرب تشبيه لما حدث، هو أن تؤدي عدم مهارة جراح، في محاولة استئصال ورم صغير، إلى انتشار الأورام في مناطق أُخَر، أكثر حساسية وأشد خطورة!.
الظن الذي أصبح غالباً، أن تلك المعالجة الكارثية، لم تأتِ بتلك الطريقة العاجلة، إلا لغرض متعلق بمحاولة لملمة الملف، وحصره في نطاق ضيق، لا يتجاوز صغار الموظفين إلى آخرين، قد تمسك القضية بتلابيبهم.
كان على لجنة التحقيق، أن تبذل مزيداً من الجهد، وتأخذ زمناً إضافياً – أكثر من الشهر – في البحث والتحري، لتقدم قضية ناضجة متكاملة الأركان إلى القضاء، مثل ما حدث في قضية الأقطان!.

لا بدَّ من تطابق المعايير في التعامل مع قضايا الفساد!.
ما الذي يجعل وزارة العدل تقبل المساومة عبر التحلل في قضية مكتب الوالي وترفضها في الأقطان؟!.

وما الذي يجعل وزير العدل في البرلمان، يذكر أسماء المتهمين والمبرَّئين وذوي الصلة في قضية الأقطان إلى الجد الرابع؛ ويرفض مستشاروه ذكر حتى الحروف الأولى من أسماء المتهمين في قضية مكتب الوالي، تحت دواعي عدم التأثير؟!.

الفرق بين جريمتي الأقطان ومكتب الوالي، فرق مقدار في المبالغ، لا فرق نوع في طبيعة الجرم.

كان من مصلحة المجتمع الإستراتيجية، ودعم سياسة الدولة في محاربة الفساد، أن يصبح موظفو مكتب الوالي عبرة للآخرين لا قدوة لهم.
كنت أتمنى أن تبذل لجنة التحقيق، جهداً ذهنياً وقانونياً إضافياً، لإقناع الرأي العام بالأسباب التي أدت لعدم محاكمة موظفي مكتب الوالي، بمواد القانون الجنائي، وتحديداً بالمادة 177 خيانة الأمانة، في الفقرة 2، التي تنص على الآتي:
(إذا كان الجاني موظفاً عاماً أو مستخدماً لدى أيِّ شخص، أؤتمن على المال بتلك الصفة, يُعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز أربع عشرة سنة مع الغرامة، أو بالإعدام).

لا نريد إعدامهم، ولكن على الأقل لم نكن نتوقع تكريمهم بتلك الطريقة، التي تثير الغثيان!.
[/JUSTIFY]

العين الثالثة – ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني


تعليق واحد

  1. يقول الأستاذ ضياء((مصدر الخطورة أنه يساعد على إشاعة فاحشة الفساد ، ونهب المال العام، ومن ثم التحلل بما هو أقل من غسل الجنابة!.))…
    ……ونقول للأستاذ ضياء إن الذي يغتسل غسل الجنابة كان قد فعل حلالاً، ولكن من يأتي الحرام فلا يتذكر أن يغتسل غسل الجنابة. ومن يأتي الحرام
    لا يأبه حراماً أكل وأكّل أولاده أم حلالاً فالأمر عنده لا يفرق .اللهم جنينا أكل الحرام وما يؤدي إليه.

  2. لا نريد إعدامهم، ولكن على الأقل لم نكن نتوقع تكريمهم بتلك الطريقة، التي تثير الغثيان!.
    ولم لا تريد اعدامهم بل يجب اعدامهم بالشنق حتي السكرات ثم شنقهم مرة اخري بالشنق حتي السكرات ثم شنقهم مرة اخري بالشنق حتي الموت