جعفر عباس

تعالوا نمارس سياحة خفيفة في السودان (1)

[JUSTIFY]
تعالوا نمارس سياحة خفيفة في السودان (1)

سأحدثكم عن السودان، وقد سبق لي كتابة مقالات بعنوان: «السودان الذي لا تعرفونه»، وحديثي هذه المرة يأتي من منطلق أن معظم العرب يكادون لا يعرفون شيئا يذكر عن السودان سوى بعض المعلومات المستهلكة مثل أنه أكبر الدول العربية مساحة، (للعلم فإنه ومنذ يوليو 2011 صار أصغر مساحة من السعودية) وأن به نهر النيل وأن عاصمته الخرطوم، وأن بعض سكانه جنجويد (عرب) وبعضهم أفارقة، وغالبيتهم جنجفارقة (مزيج من الجنجويد والأفارقة) ومن طريف واقع الخريطة السودانية أن أجزاءه المتاخمة للدول العربية وبالتحديد مصر والسعودية ليسوا عربا بالمرة، فالقبائل البجاوية في شرق السودان، في المنطقة المطلة على البحر الأحمر حاميون مسلمون، ويتكلمون لغة خاصة بهم عمرها آلاف السنين، وقبيلة الهدندوة هي أكبر تلك القبائل، وتستطيع أن تعرف ما إذا كان الرجل الذي تراه من على بعد ثلاثة كيلومترات هدندويا أم لا، بشعر رأسه، فالهدندوي يحمل على رأسه كل نصيبه من الشعر من يوم مولده إلى يوم مماته.. بعبارة أخرى فإن الهدندوي يتميز بكثافة الشعر وتجد على رأسه مشطا خشبيا ذا ست أو سبع أسنان يسمى الخُلال، يستخدمها في «نكش» شعره حتى يصبح أكبر من حجم رأسه، وربما لهذا السبب أسماهم رديارد كيبلينغ شاعر الإمبراطورية البريطاني «فازي وازي» fuzzy wuzzy ومن مفردات اللغة الهدندوية واسعة الانتشار كلمة «دبايوا»، وتقوم مقام «السلام عليكم»، وهناك قاسم مشترك بين البجاويين والايرلنديين فكل شخص يبدأ اسمه بـ «أو».. مثل أوهنري وأوهاري وأوكونور حتما ذو أصل ايرلندي، ومن الأسماء البجاوية واسعة الانتشار أسماء مثل أوهاج، أوشيك، أونور.. ولأن المرأة البجاوية منتجة فإن لها مكانة خاصة في المجتمع، وتجد الكثيرين من الهدندوة يحملون أسماء تدل على احترام إحدى سيدات العائلة، ومنها أبو آمنة وأبو عائشة وأبو نورة.. وأهم شيء في حياة الهدندوي بعد عائلته هو «عدة القهوة»، ففي الحل والترحال (وهم في معظمهم رُحّل يربّون الإبل، والإبل البجاوية معروفة لدى العرب منذ آلاف السنين.. قال الشاعر الواجد قديم أبو الطيب المتنبي: ألا كل ماشية الخيزلى، فدا كل ماشية الهيدبي، وكل نجاةٍ بجاوية، خنوف وما بي حُسن المِشى) والنجاة هي الناقة ولا تسألني عن الخيزلى والهيدبى!! المهم إن البجاوي يصنع قهوته بنفسه سواء كان مسافرا على ظهر ناقة أو حافلة.. ومن أغاني البجة الشعبية المعروفة في السودان واحدة يقول مطلعها: فنجان جبنة بي شماله/ يساوي الدنيا بي ماله،.. ومعناه أن فنجان الجبنة (وهي الكلمة السودانية للقهوة وجاءت الكلمة من إبريق القهوة المصنوع محليا والذي يحمل ذات الاسم).. ذلك الفنجان في اليد «الشمال» للهدندوي يساوي الدنيا بكل ما فيها من مال.. والبجة يتكلمون لغة عربية مكسرة، لدرجة أن ينطقوا النصف الأول من الشهادة: هيلا هيلا الله، ويعنون بها «لا إله إلا الله»، وهي لا تختلف كثيرا عن نطق معظمنا لعبارة إن شاء الله «إنشاللا»، والبجاويون العاملون في مجال تربية البهائم يحملون السيف أينما ذهبوا رغم أنهم قوم مسالمون… ولكن ربنا يستر.. فهناك حركتان بجاويتان مسلحتان في شرق السودان، وافقتا على «السلام» ولكن أعضاءها بدأوا يطنطنون بأن بنود اتفاقية السلام لم تتحقق، والمشكلة هي أن أعضاء هاتين الحركتين تخلوا عن تقاليد قبائلهم واستبدلوا السيوف بالبنادق والمدافع، ويا خوفي نطفيها من الغرب (دارفور) يولعها البجة من الشرق، فكما قلت مرارا فإن كل إقليم في السودان لديه بضعة «حركات تحرير»، إلا نحن أهل الشمال القصي. ولا أدري هل مردّ ذلك أننا نحس بأننا شبعانون من الحريات، أم أننا سبب وصم السودانيين بالكسل!!

[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]

تعليق واحد

  1. الاستاذ ابو الجعافر الليلة وصلت تب

    لم تذكر شي من كرمهم ولا بطولاتهم بل حتي عندما ذكرت شاعر الامبراطورية

    لم تذكر لما ذكرهم وهذا نصيبنا من معرفتكم بنا فما بال الاقوام الاخرين

    ومشكورين وما قصرتا البجا تتكون من عدة قبائل متداخلة ؟؟

    اكبرها قبائل البني عامر وتمتد داخل الحدود الارترية

    الهدندوا وهي من شمال تهداي الي سنكات والارتيقا والبشارين والامرار والعبابدة

    والي اخره والمشكلة الرئيسة عندهم التهميش المقصود من قبل كل الحكومات

    المتعاقبة ولذالك امر انفصالهم عن قريب وليس ببعيد لانكم لاتنظرون ابعد

    من ارنبة انفكم وتنفعوا كعمال في الخليج طباخين وفي مصر بوابين ماتستاهلوا

    بلد حدادي مدادي مثل السودان بخيراته فهذا يحتاج الي بعد نظر والمام ودهاء

    لعماره والاستفاده منه لكن انتوا عايز الجاهزة شغل خفيف ومكيف وراتب ؟

    ومتمسكون بي السلطة ولايشاركم فيها احد وان اشركتموه في شغلة تافه ؟؟