يسقط الرئيس القادم
*لإخواننا المصريين أدب راسخ في إتقان صناعة الطرف، وتشتد حاجتهم لاستخدام هذا الأدب عند اشتداد نوائب الدهر، فأحلك الأيام عندهم هي أعظم المواسم لازدهار أدب الطرف والظرف والنكات.
*والشقيقة مصر منذ ثورة يناير وحتى الآن تعاملت مع ثلاثة رؤساء، رئيس مخلوع وآخر معزول وصولاً للرئيس الموقت، حتى صاح أحدهم ذات ميدان ثورة بهتاف (يسقط الرئيس القادم)!
*لم يسبقه على ذلك إلا الكوميدي الأشهر عادل إمام، لمَّا كانت الدولة البوليسية تحكم قبضتها على الشارع والمسرح، لم يملك في إحدى هزلياته المدهشة إلا أن يهتف..( يسقط يسقط أحمد عرابي)!
* أحصيت في لقاء الثائر عبد الواحد محمد نور مع (اليوم التالي) أكثر من سبع مرات قوله بـ (إزالة النظام)، تذكرني هذه العبارة (بجهاز إزالة مخالفات الأراضي)، ففي حالة الولاية وجهازها، فإنها بعد الإخطار بأيام تتجه بجرافاتها إلى موقع المخالفة مباشرة، لكني في حالة (إزالة النظام) أتساءل، بين يدي عقد ونصف من الحركات المسلحة، أطويل طريقنا أم يطول؟، فضلاً على أن الاحتكام إلى مبدأ البندقية سيكلفنا كشعب ودولة الكثير جداً!
*لهذا يبقى أن أفضل طريق لإزالة النظام هو الجلوس إلى طاولة الحوار، ثم الانتهاء إلى (صناديق الانتخابات)، على أن تكون المعارضة في هذه المرة هي التي تشرف على هذه الانتخابات.
*وهنالك ثمة ملاحظة جديرة بالاهتمام، وهي أن (حركات التحرر) على الأقل اليسارية المنشأ والفكرة، لن تذهب إلى طاولة المفاوضات إلا بعد أن يجلس الحزب الشيوعي السوداني لهذه الطاولة.
*وحتى إن هي ذهبت فذلك لشراء الوقت وليس للوصول إلى تسوية وطنية، وبين يدينا تجربة المفاوضات الماراثونية التي تخوضها الحركة االشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال التي يقودها الثائر ياسر عرمان.
*ففي تصوري، وأرجو أن أكون مخطئاً، فإن قطاع الشمال سيبقى مراوح في مركب المفاوضات حتى يحسم الصراع في جنوب السودان، فعلى الإقل إن هذا القطاع قد فقد دليله وبوصلته مع انهيار (دولة التميل والمنشأ) وأصبح مكشوف الظهر. ولم نملك نحن إلا أن نمثل له (حضناً دافئاً بديلاً) لحين انقشاع أزمته!
* صحيح إن الحزب الشيوعي السوداني قد صرَّح أكثر من مرة، بأنه يختلف مع الحركات المسلحة وقوى الهامش في طريقة النضال المسلح، لكنه يتفق معها في الغاية، التي هي (إزالة النظام) لا ترقيعه وإطالة عمره بالمفاوضات تلو المفاوضات!
*ولما كان قطاع الشمال وحركة تحرير عبد الواحد ومناوي تمثل كتلة مؤثرة، فإن الجبهة الثورية برمتها تظل أسيرة موقف الحزب الشيوعي السوداني.
*فالشيوعي هو الملهم للحركات الثورية، فإن لم يجلس هنا في الخرطوم على الطالة سيظل الآخرون وقوفاً يشدون المسرح من هناك، حتى تتآكل موارد الدولة وتنهار عزيمتها، ويكتب الرفاق آخر فصل هنا في الخرطوم، وهم يخرجون بالجماهير تحت لافتات (الجوع والفساد)، فالعمل الآن جارٍ لارتفاع وتيرة الفساد وتفاقم أسعار الدولار!
ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]