طريق الحرير (4)
أخلى الوفد الإعلامي النقابي العربي غرفه وسلم الكروت لإدارة فندق قصر الشعب الصيني ببكين، استعداداً لزيارة مقاطعة «نينشيان» ذاتية الحكم والتي توجد بها أعداد كبيرة من المسلمين الصينيين، بذات الدقة التي يتم التعامل بها مع إجراءات السفريات الخارجية كانت الإجراءات وإيقاعاتها في السفريات الداخلية، هذا ما لاحظناه ونحن نكمل إجراءات السفر إلى مقاطعة (نينشيان) من بكين.. ما يقارب الساعتين والنصف ما استغرقته الرحلة.. الساعة الحادية عشرة ليلاً كنا خارج المطار.. كل الإجراءات تتم دون التحدث مع أحد، فقط إشارات ضوئية تقودك بسلاسة.. خارج المطار الثاني للمقاطعة كان في انتظارنا القيادات النقابية بالمقاطعة والثلج يتساقط ليتراكم الجليد على أسطح العربات والأرض.. درجات الحرارة منخفضة جداً.. والتدفئة تحيطنا داخل البص.. بدأنا قبل محطة الاستقرار بالفندق بالذهاب لأخذ وجبة العشاء بأحد المطاعم.. (الحلال).. هي كلمة تدلنا على أن الطعام هو وفقاً لما يتوافق مع الأكل المشروع والمسموح به إسلامياً.. نعم لعادات الغذائية هي دلالة اختلاف في الثقافة وأنواعها.. تجلت المائدة بكل أنواع الخضر والفواكه واللحوم.. رغم البرد إلا أنه يبدو أن «جوف الأمة العربية محروق» فلقد ظللنا نطالب بالماء البادر وهم لا يحبذون إلا الماء الدافئ وربما الماء الساخن المخلوط مع الأعشاب أو هذا الشاي الصيني المميز.. كان للوجبة الأثر الكبير في التعاطي مع الجو العام.. من بعدها إلى محطة الاستقرار المؤقت… كل لزم موقعه في الفندق المحدد.. لتبدأ في الصباح التالي تفاصيل البرنامج المحدد ونصيبنا منه الاجتماع الراقي والزيارات الميدانية.. هذه المرة الزيارة ذات إطار مختلف مصنع المنتجات الصوفية بالمقاطعة. هذا المصنع الذي ينتج لأروبا وأمريكا.. بدأنا بالطواف على أجزائه المختلفة نتابع الخطوط منذ الخيوط إلى مرحلة الكي والتعبئة في آخر ما يتسلمه الأمريكيون أو الأروبيون.. انتظار العمال وعملهم بتركيز يشد الانتباه.. الجانب الخاص بالمرأة العاملة بالمصنع ينفصل عن الرجال وكل مقومات أداء العامل متاحة لأن يكون مبدعاً وخلاقاً… رغم محدودية المطلوب منه في إطار خط الإنتاج لكنه أيضاً مبدع. .. ها هو الشرح الوافي يقدمه مدير المصنع في مجسم للمصنع.. «هؤلاء القوم ينفذون ما يخططونه تماماً دون زيادة أو نقصان مما يعني أنهم أهل عزم وعمل وروح الجماعة.. ونحن نصعد (البص) لمغادرة المصنع الذي تذهب منتجاته بعيداً عنا باعتبارنا نطلب مواصفات أقل جودة حيث لم نقف على موقع تلك المصانع التي تتيح لنا.. ذهبنا لمطعم للغذاء.. أول مرة أصادف «شحاذاً صينياً» من هيئته وكلامه يبدو أنه مسلم… كان بكل قسمات العراقة الصينية مع انكسار البؤس والفقر والتقدم في العمر.. لم يجدإلا أن يتعاطف معه الجميع صامتين.. «ما بال المسلمين» ولا تعليق.. ففي ذاك البلد كل شيء منظم ومحكوم التنسيق ولا حديث إلا أن واقع المسلمين في إطار النظام العام للبلد حسبما قالوا وشرحوا وأبانوا أنه رائع ومطمئن، ولا ضرر ولا ضرار… ونحن لا نملك إلا أن نهز رؤوسنا كدلالة على الإيجاب والانفعال.. فقد أكرمنا القوم حد الترف جواً وأرضاً وبحراً أو قل بحيرة.. فكيف ننظر لأمر هذا الرجل المسلم المتسول العجوز الهرم.
آخرالكلام
لم يغب عن خاطري مشهد ذلك الرجل المسلم العجوز.. عيونه الدقيقة وشعره الأشييب ويداه الممدودتان ولسان الحال «الله غالب».. ولابد من شيء ما لهؤلاء القوم في حضن التقدم والحضارة و العولمة..
[/JUSTIFY]
سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]