جعفر عباس

وقفة أخرى مع أدب قلة الأدب

[ALIGN=CENTER]وقفة أخرى مع أدب قلة الأدب !! [/ALIGN] هذا موضوع طرقته قبل أعوام وأعود إليه بعد ان عثرت عليه في أرشيفي، ويدور حول مداخلة قرأتها لضابط سعودي لم أعد أذكر اسمه تناول فيها ما يسمى بـ”أدباء المراحيض”، وهم تلك الفئة التي تستعرض قدراتها الأدبية أو “قلة الأدبية” على جدران دورات المياه، وأختلف مع الأخ الكاتب في ما قاله بأن الأجانب المقيمين بين ظهرانينا نقلوا عنا تلك الممارسة الوسخة، ففي كل الدول الغربية تتفشى تلك الظاهرة التي يسمونها “الجرافيتي”، بل وهناك دار نشر معروفة تجمع ما يكتب في دورات المياه وغيرها وتصدره في سلسلة كتب شديدة الرواج (وعندي مجموعة كاملة لأدب الجرافيتي البريطاني تتألف من نحو 15 كتابا واستمتع بقراءتها بين الحين والآخر لأن فيها عبارات تنم عن ذكاء عال وحس فكاهي رفيع).
ولكن أعود وأقول إن شيوع تلك الظاهرة في الشرق أو الغرب لا يعني أنها “طبيعية”! وما هو غير طبيعي تماما هو ان يكتب شخص ما اسمه كاملا في مرحاض كي “يتذكره” الآخرون، وفي دورات المياه في المطارات تجد مثلا عبارات من شاكلة: حسنون يانسون المغفلي… مسافر ترانزيت عبر المنامة الى قبرص!! هب أنني تذكرتك يا حسنون، وهب أنني التقيت بك وعرفت انك صاحب العبارة المكتوبة في مرحاض في مطار المنامة! هل سيسعدك أن أقول: يا لمحاسن الصدف،… إنت حسنون بتاع الدبليو سي العطلان… لماذا لا تكتب في مجلة نيوزويك طالما انك “كاتب مشهور”؟… ويبلغ انحطاط الذوق بالبعض أنهم يكتبون عبارات تمجد أندية كرة القدم التي يشجعونها على جدران المراحيض!! كيف يربط الإنسان بين شيء يحبه ومكان ارتبط بالقاذورات والأمراض!! الإنسان السوي يحرص على عدم استخدام أي دورة مياه عامة حتى للأغراض التي خصصت لها، فكيف يطيق إنسان حتى ولو كان نصف عاقل ان يدخل مرحاضا وهو مزود بقلم ذي رأس غليظ لتسجيل خواطره! والأدهى من كل ذلك أن أدباء المراحيض يستمدون مفرداتهم من شبكة الأنابيب التي تنقل محتويات المراحيض، ويتفننون في رص الألفاظ التي تعكس وساخة عقولهم، بل إن بعضهم يعرض سير وأعراض الآخرين على الجدران.
عندنا في السودان يستخدم البعض جدران عربات القطارات لتسجيل أسمائهم كي تحفظها الأجيال المقبلة، ووجدت ذات مرة عبارة: سعيد العفن… منقول من سجن عطبرة إلى سجن بورتسودان.. اذكرونا فالذكرى ناقوس يدق في عالم النسيان.. اذكرونا فالذكرى عمر ثان!!.. تشرفنا يا سعيد العفن وهأنذا أذكرك اليوم (إذا لم تكن قد نلت حكما بعد بالإعدام).
تذكرت كتاب “الرسائل العصرية” الذي كان رائجا في الستينيات والسبعينيات، وكان أنصاف المتعلمين ينقلون عنه نصوص الرسائل بحسب مقتضى الحال وكانت أكثر أقسامه “شعبية” تلك المتعلقة بـ “الحب” وكم من مرة ضبطت أحد معارفي ينقل نصا كاملا عن ذلك الكتاب الركيك ليخاطب حبيبته: أشتاق إليك اشتياق الصائم للمغيب والمريض للطبيب والفنادق للغريب، وقد حماني الله من ذلك الكتاب لأنني لم أجد فتاة تحبني على عهد المراهقة أو ما بعدها، كما أن الله أكرمني بعدم الهوس بتشجيع أي نوع من الرياضة فلا أتعصب لفريق، وعصمني كل ذلك عن ممارسة أدب الجدران، والهتاف بحياة هذا النادي أو ذاك وانسحب ذلك على مجال السياسة حيث لم يسبق لي الهتاف بحياة أي زعيم! (ما لم يكن ذلك بحثه على الذهاب الى الجحيم).

زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com

‫3 تعليقات

  1. ابو الجعافر لم اعرف ان هذه الظاهره لها كتاب على العموم اجد في بعد المراحيض اشياء نسأل الله السلامة لكن مره قرأت اعلم ستحاسب ما تخط يداك

    ابو وردشان الارتري

  2. تحياتنا لبلدينا أبو الجعافر .. بيني و بينك يا أبو الجعافر الواحد لمن يكون قاعد فى الحمام بتجيهو حالة من الصفاء الذهنى .. يعني لولا الملامة .. الواحد كان كتب قصايد و روايات رهيبه .. و بعدين عايزينك تنتف لينا ياسر عرمان زي نتيفة راغب علامة .. سلام يا رهيب .. 😉

  3. مسا الفل يا ابو الجعافر يا استاز الاجيال@من خليت جريدة الوطن وتانى مابزكر اشتريتا
    حتى كنت بتخفف عنا الغربة والله@واخر الدوام كن بنتصابق عشان مين الى يقرا زاوية منفرجة@الله كانت ايام جميلة@ربنا يحفظك@على فكرة انا قريت ليك عن رحلتك فى جنوبنا الحبيب @لو ماخانتنى الزاكرة يا ابو الجعافر@ربنا يخليك لينا ولى كل المغرتربين عن الوطن ودمتم فى امان الله@@