غندور.. ثمن الحرية
* بعيد مفاصلة الإسلاميين الشهيرة أطلق أستاذنا حسين خوجلي مقولته الشهيرة: (يقلقني صمت علي عثمان)، بينما ولغ الجميع من طرفي الأزمة في أتون الفتنة، يومئذ ظل الأستاذ علي عثمان مستعصماً بالصمت المطبق، صمت جعل قلم الأستاذ حسين ينطق متسائلاً!
* في مرحلة لاحقة من الأزمة اتخذ حسين ذاته من (حالة علي عثمان) تيرمومتراً لقياس درجة حرارة الطقس السياسي، وذلك عندما عدل مقولته الأولى لتصبح: (يقلقني علي عثمان إذا صمت وفي المقابل يزعجني إذا تحدث الرجل بصوت مسموع).
* فاستقرار الأحوال يقرؤه الأخ الأستاذ حسين خوجلي في مقاربة السيد النائب الأول بين الصمت والجهر، على أن ثمة شيئا غير عادي ويدعو للقلق إذا صمت على عثمان، والأسوأ من ذلك أن يتحدث الرجل بصوت عال!
*يفترض أن الصحفيين بتراكم التجربة والامتهان، يمتلكون حاسة خاصة تجعلهم قادرين على قراءة الأحوال من تعابير وتقاطيع وجوه صناع الأحداث.
*لقد طفقت منذ فترة أطور هذه الحاسة، وذلك لدرجة أنني أذهب لكثير من المناشط السياسية باحثاً عن ما لم يقل، فما لم يجرؤ السياسيون على قوله هو معظم الحقيقة!
*في هذا السياق التقيت البروف إبراهيم غندور بعيد قدومه من مفاوضات أديس أبابا، التقيته في مناسبة اجتماعية واجتهدت أن أقرأ (حالة البلد) التي تنوء بالملفات المثقلة والرجل يومئذ محور للأحداث بحيث أنه متوفر في الحزب وموجود بالقصر، فضلاً عن حمله لملفات التفاوض في الخارج والحوار بالداخل.
* إذاً، أفضل منطقة يمكن أن تقرأ منها حالة البلاد، والحال هذه، هو الحالة التي عليها البروف غندور، إن كان الرجل مرتبكاً أو شارداً فإن ثمة معضلات باهظة ترزح تحت وطأتها البلاد.
* بادئ ذي بدء، كون سعادة معالي نائب رئيس الجمهورية في (مناسبة اجتماعية) تلك هي الرسالة الأولى لاستقرار الأحوال، غير أن (رجل الحزب الحاكم) في أوج حالات الاسترخاء فتلك إشارة أخرى.
*لكن الصورة ستتضح لكم أكثر وسعادة البروف ويسألني بأريحية (ياخي ليه ما خليت الراجل يركب في مقعده)، وذلك في إشارة لمقال كتبته قبل مفاوضات أديس أبابا تحت عنوان (المقعد 45)، ثمة نزاع نشب بين وبين مسافر على مقعد الشباك في سفرية داخلية بين الخرطوم وعطبرة على متن سفريات التوحيد.
* فالرجل أولاً يقرأ ويتفاعل ويحتفظ بتفاصيل التفاصيل وليس هنالك شيء يجعل ذاكرته تنصرف حتى عن قضايا الأعمدة الصحفية.
*منذ أن تم اطلاق سراح المعارضة وهي تخرج إلى الميادين وقارعة الصحف على أسنة رماح الفقر والفساد والاستبداد والاتجار بها سياسياً، والبروف وفريقه لم يفقدوا تماسكهم، فهذا ثمن طبيعي لارتفاع سقوفات الحرية، فالمعارضة تحتاج لبعض الوقت لإخراج كل الهواء الساخن، وفي المقابل الحكومة تحتاج لبعض الصبر والاحتمال.
ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]