الرومانسية الواقعية في الحياة الزوجية
*وصلتني رسالة إلكترونية من الشابة م.م قالت فيها أنها صدمت من خطيبها الذي قالت أنه لايراعي السلوك الحضاري في حضرتها، فهو مثلا يتجشأ أمامها دون أن يعتذر لها وقالت أنها جنها جن الناس الذي يخرجون أصواتاً كريهة من أفواهم وهم يتناولون الطعام!!.
*الاستاذ حسين خوجلي حكى حكاية مماثلة في برنامجه التلفزيوني، عن إمرأة كانت متعلقة في شبابها بفتى أحلامها، لكنها لم تتزوجه، وتزوجت باّخر، لكن قلبها ظل معلقاً بفارس الأحلام، إلى أن صادفته، بعد عدة سنوات، إبان ذهابها لإحدى المكاتب للتصديق على أوراق تخصها، فوجدته يفطر في المكتب، إنتظرته في الخارج، لكنها كانت تسترق النظر اليه، قالت انها فجعت من سلوكه وهو يتناول إفطاره، وسقطت الصورة الحالمة التي كانت عالقة في دواخلها عنه !!.
* الشابة م.م وبطلة حكاية حسين خوجلي، تجسدان جانباً من جوانب الرومانسية الحالمة التي يتعلق بأهدابها بعض الشباب في مرحلة المراهقة الباكرة، لكنهم سرعان ما يستطدمون بالواقع الحياتي المختلف،ويعرفون أن الواقع غير.
*لسنا بالطبع ضد الرومانسية الحالمة التي لابد أن يمر بها كل الشباب، – ومن منا لم يمر بها – خاصة تلك الرومانسية الأفلاطونية،التي تعشعش في القلوب، وتفتح أبواب الأمل، وتدفع الشباب للإجتهاد والمثابرة، لكن لابد أن يدركوا، كما أدركنا نحن أيضاً، أن الحياة الزوجية غير، وأنها تتطلب درجة لازمة من المعاملة الواقعية الأهم لتأمين إستدامة التعايش المتبادل مع الاخربعيداًعن الأحلام المجردة.
*هذه الرومانسية الواقعية خبرها أهلنا في الريف منذ زمان قديم،لأنهم يتعاملون بالفطرة السليمة،وقد حكى لى صديق من إحدى قرى كردفان – في زمن مضى – أنه كان يعاني من “نفاخ” في معدته، وعندما أحست زوجته أنه يكثر الخروج من القطية والعودة اليها، عرفت سبب حروجه المتكرر فقالت له بعفوية صادقة : أكان داير”تعفض” عفض قبلك، الزول أكان في فراش الموت وعفض بعيش.
*إن الواقعية لاتعني قبول الاخر على علاته، لكن لابد من التعامل معه بالمرونة المطلوبة لاستدامة الحياة الزوجية، على أن يسعى كل طرف ا للحفاظ على قدر لازم من الذوق، والسلوك الاجتماعي اللائق، والنظافة العامة ، خاصة نظافة الفم والاسنان، وبصفة أخص من الذين يدخنون السجاير أو يتعاطون “السعوط” أو يحبون أكل البصل في الأمسيات.
*أود هنا أن أقول للشابة م.م : لا تستعجلي الحكم على خطيبك، خاصة إذا كان جاداً في إكمال مراسم الزواج منك،لأنه يمكن بوقوفك إلى جانبه إعادة ترتيب حياته ومساعدته على التخلص من بعض عاداته وسلوكياته غير الإجتماعية.
* إن الرومانسية الواقعية ضرورية للحفاظ على الحياة الزوجية واستدامتها بعيداً عن المنغصات الشكلانية، بل ومن أجل مقابلة ظروف الحياة الإقتصادية الضاغطة التي يعاني منها غالب المواطنين، وأن يتحملانها سوياً.
[/JUSTIFY]
كلام الناس – نور الدين مدني
[email]noradin@msn.com[/email]