جعفر عباس

تحاشوا الحاشي

[JUSTIFY]
تحاشوا الحاشي

أعيد نشر هذا المقال هنا استجابة لمناشدة قارئة بحرينية تذكرت وقائعه وترى أن فيه عظة ينبغي أن يتم تذكير الناس بها وهي عن الشيخ عيسى المطرودي القاضي بمحكمة حائل العامة في السعودية، ويشغل في نفس الوقت منصب رئيس لجنة فائض الولائم بالجمعية الخيرية السعودية، وقد نادى بمنع وضع الحاشي (الجمل البيبي) كاملا على صحن واحد لأن في ذلك سفها وبطرا بالنعمة وتبديدا لقوت هناك كثيرون بحاجة إليه.. سألت صديقا بدويا قطريا عما إذا كان هناك قِدر يصلح لطبخ جمل، ولو كان بيبي غير مكتمل النمو، فقادني الى مكتبة قناة الجزيرة الفضائية حيث يعمل كلانا وعرض علي شريط فيديو عن الولائم في الخليج، ورأيت تجويفا حسبته في بادئ الأمر فتحة بئر بترول، ولكن مع حركة الكاميرا أدركت أنه قدر يصلح لطبخ ناقة في سن اليأس، وليس مجرد «بيبي جمُّول».
غدر بي صديق سعودي ذات يوم عندما دعاني الى وجبة صباحية في مطعم في الرياض أكلت فيه بشراهة «كبدة» مقلية.. وسألني بعد ان شبعت عن رأيي في كبد الحاشي، ولم أكن قبلها قد سمعت بكلمة «حاشي»، وما ان عرفت انها تعني الجمل الصغير حتى ثار بركان في بطني وقذف بالحمم في ملابس صديقي (سابقا)، فقد كان يعرف أنني أعاني من فوبيا (رهاب) الإبل بسبب عدوان غاشم من ناقة وأنا صغير، سبب لي كوابيس وهلاويس، فصار الذي بيني وبينها كالذي بيني وبين الفيشاوي.
أشدّ على يد شيخنا عيسى، لأنه فعلا من السفه والبطر بالنعمة ان أضع جملا أو حتى خروفا كاملا في صحن واحد، كي تعبث به الأيدي وتتركه ركاما لا يصلح للاستخدام الآدمي، رغم أنه يكفي لإطعام عشرين شخصا من فصيلة أشعب، لو نتج عن أخذ كل من المستطعمين حاجته في طبق صغير. وأنا مثل كل أبناء هذا الجزء من العالم أحب تناول الطعام بمشاركة أيدٍ كثيرة، ولكن تصرفا وملاحظة بسيطة من ولد لي كان عمره وقتها 4 سنوات، جعلاني أواصل الاستمتاع بالأكل مع الجماعة، ولكن في صحن خاص بي.. فنحن السودانيين مثل أهل الجزيرة العربية والخليج نتناول طعامنا الشعبي من طبق واحد مشترك.. وكان ولدي يعزف عن مشاركتنا الطعام من نفس الطبق، من منطلق أن ذلك «مقرف». ومنذ يومها صرنا حتى في وجباتنا اليومية – نعمل بطريقة البوفيه المفتوح، التي اقترحها الشيخ عيسى.. نعم تكون عندنا أصناف محدودة في الطعام في الوجبات المنزلية، ولكن على الأقل لا نضطر الى التخلص مما تبقى من طعام بإلقائه في مقلب القمامة.
نعم يا جماعة فكثير من عاداتنا في الأكل هي السفه بعينه، فمخلفات الوجبات المنزلية في حي واحد تكفي لإطعام كتيبة من الأشعبيين، فما بالك بولائمنا.. أنا لا أتحدث فقط عن ولائم الأفراح، بل حتى في الوليمة التي نقيمها لضيف واحد، نتصرف وكأننا نسعى الى تسجيل رقم قياسي يؤهلنا لدخول موسوعة غينيس في مجال التبذير الغبي. فكلما قال لي شخص ما إنه يريد إقامة وليمة على «شرفي»، يدعو إليها بعض الأصدقاء أقول له: أعرف أنك ستنفق على الوليمة كذا ألف.. ولن يكون نصيبي منها أكثر من نحو خمسين جراما من اللحم ومثلها من الخبز والرز.. أعطني ربع كلفة الوليمة عدا نقدا وسيكون كلانا رابحا!!

[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]

تعليق واحد

  1. تسلم ياود عباس…وبارك الله فيك….اهلي الروس المسلمين منهم عندهم عادة اجتماعية في هذا الصدد….فلو اقاموا وليمة فلابد ان يدعون لها احد ائمة المساجد…او احد الدعاة….او احد حيرانهم….حتى يتحف الحضور ببعض هدي الاسلام العظيم…وفي نهاية الدعوة(الوليمة)-او ان شئت (العازومة) يتم توزيع كيس نايلون …نعم كيس نايلون فاضي حتى ياخذ اي مدعو ما تبقى من اكله …وان شاء زاد مما لذ وطاب من ماتشتهيه نفسه من المادبة …نعم ياخذ كل ذلك لبيته…اذ يمكنه ان يكرم به نفسه او اهله فيمابعد….وليس في ذلك اية حرج…بل ان الفكي او الداعية او الشيخ يضيفون له بانفسهم مالذ وطاب (ويعصروا ليهوه كمان حاجة كده قرشين …تلاتة-حق الفكي-) … ولعمري انها قمة التحضر والتدين…فلا بواقي تركت ولا حاجة كشحوها…. مارايكم دام فضلكم؟؟؟