(ما فيش فائدة)!
قبل كل شيء تأملوا معي هذه الصور:
مشهد أول:
في مرفق حكومي بالخرطوم يرتاده المواطنون مجبرين- تمتنع الجهة المسؤولة عن تشغيل مراوح الهواء في الصالة العامة حفاظاً على الكهرباء ودون مراعاة لسخونة الطقس (نصف درجة الغليان)!
في مكاتب كبار الموظفين بذات المكان تشعر كأنك في داخل ثلاجة موز، موجات الاسبيلت الباردة تأتيك من كل اتجاه!
مكان واحد ومناخات متعددة!
مشهد ثاني:
في عملية تفكيك وتركيب مشروع الجزيرة – ما بعد القانون الجديد- تعامل كثير من المواطنين مع منازل المفتشين في المكاتب الزراعية، كأنها غنائم حرب.
نزعوا منها كل شيء حتى الطوب العتيق وبلاط الأرض وقطعوا حتى الأشجار!
كأنها حملة انتقام بأثر رجعي.
مشهد ثالث:
قبل عامين انهارت بعض أبراج الكهرباء في الجزيرة، سبب الانهيار تعرض صواميل أبراج الحديد للسرقة، (صامولة بعد صامولة وبيع في سوق الخردة)، إلى أن تساقطت الأبراج وانقطعت الكهرباء لعدة أيام!
من الأرشيف:
في داخلية مدرسة المناقل الثانوية بعد انتهاء نصف العام الدراسي يقوم أغلب الطلاب بنزع حبال الأسرة للاستعانة بها في حزم الحقائب والأغراض!
يتركونها على (الحديدة)، لتوسر من جديد في النصف الثاني.
حينما ينتهى العام تحمل أسرة الداخلية إلى المنازل!
يأتي طالب من أقصى المدرسة يسأل:
لماذا تفعلون ذلك؟!
الرد : (دي ما حقت زول..دي حقت الحكومة)!
الطالب باستياء- يقول:
(يظنون الحكومة امرأة بدينة متخمة تتقلب على سريرها في الخرطوم وبجوارها عدة القهوة وحبات الودع..الحكومة أنتم أيها البسطاء )!
غبن وغيظ قديم متجدد على كل ما هو حكومي!
صديقنا أشهر جراحي التجميل بالخرطوم دكتور عبد السميع عبدالله، يضع مشرطه على مكمن الأذى و لكنه يترك الجرح عارياً!
المكان:
مكتب الصديق العزيز نزار خالد بمستشفى الفيصل.
الموضوع:
ونسة وحديث عام أوصلنا إلى هذه النقطة.
سر العداء التاريخي بين المواطنين وجهاز الدولة.
لدكتور عبد السميع تفسير بديع وجدير بالتأمل والنقاش، بعضه سبق إليه من قبل آخرون.
يقول دكتور عبد السميع:
كل المسؤولين وكبار الموظفين في أيام الاستعمار كانوا من الانجليز والأتراك والمصريين.
هؤلاء تم التعامل معهم باعتبارهم في مناطق شدة، فقد جاءوا إلى السودان دون رغبة.
لذا أغدقت عليهم الامتيازات والمخصصات من كل نوع لإرضائهم، حتى أصبحوا في عزلة نفسية تامة عن المواطنين.
امتيازات على مستوى السكن والطعام والمرتبات ووسائل النقل وفرص التعليم لأبنائهم وكل ضروب المعيشة.
خرج المستعمرون من السودان وجاءت النخب الوطنية لتحتفظ بكل امتيازات المستعمر.
مع الشعور بالاستعلاء على مواطنيهم.
في رأي عبد السميع أن جهاز الدولة السودانية مصمم منذ الاستعمار لا لتحقيق رفاهية المواطنين ولكن لمصلحة كبار التنفيذيين والسياسيين!
أعتقد أن ذلك ما يفسر حالة الغبن والغيظ التاريخي من قبل أغلب المواطنين تجاه كل رمزيات الدولة والسلطة.
استعلاء وترفع في مقابل مشاعر الكراهية!
قيادات الحركات المسلحة الثوريون الجدد لا يبحثون عن إزالت التهميش عن المواطنين ولكن يريدون الالتحاق بنادي الكبار والتمتع بامتيازات السلطة من إرث السير جيمس روبرتسون!
لا فرق بين عهد وعهد كلهم على النهج سواء!
[/JUSTIFY]
العين الثالثة – ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني
تحليل صحيح مائة فى المائة ومالم تتغير عقلية نخبنا السياسية ونظرتهم للحكم وللمواطن سيظل البلد ينزف الى ان يجيبو اجله