الطاهر ساتي

الشنطة فيها كتاب دين

[JUSTIFY]
الشنطة فيها كتاب دين

:: أيام زمان، كان يتم تأجيل الشجار إلى يوم الخميس لأن الجمعة إجازة ولن يتمكن الطرف المهزوم عن تقديم الشكوى للناظر .. بعد نهاية اليوم الدراسي، وفي منتصف المسافة ما بين المدرسة والقرية، نبدأ ( الشكلة).. يسحب أحدنا – بمنتهى الحقارة – الحقيبة المدرسية من أحد تلاميذ الطرف الآخر ويرميها على الأرض ويركلها ، ثم ننتظر رد الفعل .. وعندما يغضب ذاك و يسحب حقيبتنا ويرميها على الأرض ويركلها، نصيح فيه : ( حرام عليك يا ود الكلب، الشنطة دي فيها كتاب دين).. ثم نُكمل الغضب – في سبيل كتاب الدين – بالعصي والحجارة و ( الشلاليت والكفوف)..!!

:: وهكذا تقريباً حال السودان مع مصر.. فالأشقاء هناك، يسحبون حقائبنا ويرمونها على الأرض ويركلونها، وعندما نتهيأ لرد الفعل، يصيحون : ( حرام يا باشا، إنت كده بتعصي ربنا، الشنطة دي فيها كلام ربنا).. على سبيل المثال، على مدار العام تلت صحف القاهرة وتعجن ساستها وتثرثر فضائتها حول ( ملكية حلايب )، وصحافتنا وفضائياتنا لاترد على لتهم وعجنهم وثرثرتهم عملاً بالمثل ( العارف عزو مستريح).. ولكن، عندما يطلق مساعد رئيس الجمهورية، موسى محمد أحمد، تصريحاً- في العام – حول سودانية حلايب، تلطم صحافة مصر الخدود وتشق فضائياتها الجيوب و( تجقلب)، وتكيل لنا من السب والشتم ما تستطيع إليهما سبيلاً.. أي لهم حق الإدعاء الإعلامي المتواصل لملكية حلايب، وليس لنا حق الرد على هذا الإدعاء ولو ( مرة في السنة)..!!

:: هذا مثال، ومثال آخر – لنظرية شنطتي فيها كتاب دين – هو وضع الذين يعارضون الحكومتين، السودانية والمصرية..لم يحدث في تاريخ السودان، منذ يوم الإستقلال و إلى يومنا هذا، أن معارضاً لنظام مصري بات ليلة بالخرطوم بغرض تنظيم ندوة سياسية أو لعقد مؤتمر صحفي .. نعم، و دونكم أرشيف الصحف والتلفزيون والإذاعة والقاعات والميادين، لم تشهد الخرطوم – وقاعاتها وفضائياتا وإذاعاتها وميادينها – إطلاقاً أي نشاط سياسي أو إعلامي لأي معارض مصري منذ عهد الملك فاروق و إلى عهد الفريق السيسي .. و حتى في أسوأ سنوات عهد مبارك، عندما تم الإعتداء على سفير السودان بالقاهرة بالتزامن مع إحتلال أرضنا بحلايب، لم تستغل فضائيات الخرطوم وإذاعاتها وقاعاتها المعارضة المصرية ضد نظام مبارك بالندوات واللقاءات وغيرها من الأنشطة التي كان يمارسها تجمع المعارضة السودانية بالقاهرة سابقاً، ويمارسها تجمع الحركات المسلحة وقطاع الشمال حالياً..فالمواجهة السياسية والإعلامية مع نظام مبارك كانت ( سودانية بحتة)، وليست ( معارضة مصرية)..!!

:: لا أدري لماذا لم – ولا – تتعامل أنظمة السودان مع أنظمة مصر بالمثل، بحيث تستخدم المعارضة المصرية ضد الأنظمة المصرية، أي كما ظلت الأنظمة المصرية تستخدم المعارضة السودانية ضد الأنظمة السودانية طوال الحقب والحكومات الفائتة ( العسكرية والديمقراطية)؟، لماذا عدم التعامل بالمثل؟..لست أدري، فهذا من أسرار النخب السودانية، و من ( أخلاقها أيضاً)..كل هذا الإسهاب، مرده الموقف التالي، كما وثقه وزير خارجية السودان بصحيفتنا هذه..قبل أسبوع، يخاطب وزير خارجية حكومة مصر وزير خارجية السودان قائلا : ( في معارض مصري موجود عندكو)، فيسأله وزير خارجيتنا عن أسم هذا المعارض، فيرد وزيرهم بمنتهى البساطة مُش فاكر اسمو)، هكذا يتوهمون ثم يصدقون الوهم ثم يرتبكون في مواقف الحقيقة..وعندما يذكرهم وزير خارجية السودان بالمعارضين السودانيين الذي ينشطون بالقاهرة، يطالبه وزير خارجية مصر بالأسماء، فيمده وزير خارجيتنا بالأسماء وعناوين الفلل والشقق التي يقطنونها، فيصاب الرجل بالصم والبكم والعمي، ولم يصرخ بعد : ( شنطتي فيها كتاب دين)..!!
[/JUSTIFY]

الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]

تعليق واحد

  1. المصريين رغم الطباع السيئة الكتيرة الموجودة عندهم الا انة ليس من بينها خيانة مصر بعكس ما هو موجود عند سياسينا البائدين والحاليين