ناس وهم ساي
ما يزال «عمك» كما يقولون يلعن سلسفيل الجميع اعتقاداً منه انهم جميعاً تكاتفوا من أجل ايصاله لهذه الحالة المتردية جداً من الأوضاع.. حيث يقضي نصف يومه في فيء وظلال تلك الشجرة الوحيدة بالشارع.. يلتف حوله بعض العابرون في ما يشبه الوقفة القصيرة يلتقطون منه بعض العبارات التي دائماً ما يختمها لكل واحد منهم إنهم «ناس وهم ساي».. وأصل القصة إنه كان في وضعية اجتماعية معقولة جداً محصنة بوظيفة مقنعة دون أن يضع حساباً ليوم الخروج للمعاش.. كانت فكرته آنذاك إن «تصرف مافي الجيب يأتيك ما في الغيب».. حتى انجلى له بعض الغيب في أسرة صغيرة تنظر للعالم خلال معاش محدود جداً لا يكفيهم لأيام معدودة ومن ثم تولدت لديه هذه النقمة تجاه المجتمع والناس «الذين هم وهم ساي».
خرج في صباح ذاك اليوم كما المعهود ماراً بصاحب البقالة القريبة من بيته ألقى عليه التحية المألوفة «كيف يا وهم أها الأسعار الليلة على مزاجك ولا خليتها على نظام امبارح يا زول يا وهم».. فلا يملك صاحب البقالة الا مصانعته ظرفاً ولملمة لأطراف أبعاد كلامه على الزبائن المحتمين «مافي تعديل ياها الأسعار ذاتها» هو يعرف أنه لن يشتري منه والآخر يدرك أنه لا يستطيع مجاراة ما يعرض من بضائع عنده.. لكنه امعاناً في إثبات اللعنة على كل الأوضاع مجبراً على ملاسنته أو كما يقول بلغته الخاصة «لازم تدي الناس الوهم ديل طعنات وإبر عشان يعرفو حاجة».. مسكينة زوجته (الجديدة) دائماً ما تحاول أن تخارجه من المنزل باكراً حتى تغلق ملفه اليومي. فعند عودته من صلاة الصبح يجد الشاي بالزلابية في أقرب موقع من باب الدخول كأنه استدعاءاً للشرب على عجل ثم المغاردة.. «الجدية» محنانة في حياتها معاهو وكلامه التنظيري الكثير جداً ولكنها مجبورة (جبر خادم الفكي على الصلاة) كما يقولون..
تعدى في مروره صاحب البقالة للمكوجي، الذي كلما راه تمتم بالحسبنة والحوقلة لأنه في الغالب يبادره بعبارة «والله يا زول المعايش جبارة.. جنس وسخ الناس الوهم ديل مايشيلوا الصابون..أصبر يا زول.. يا وهم».. فكلما ابتعد من المكوجي الغسال تنفس هذا المسكين الصعداء وكاد يطير من الفرح ان (عمك) انتهى من حقنة بالكلام الماسخ.. ولكنه شقي حينما يحاول ملاسنة الخضرجي الذي هو رجل صارم جداً.. حاوله كم مرة لكنه توصل لقناعة قاطعة (إنه ليس كل الطير يتآكل لحمه)… ففي أول مرة حاول فيها أن يهاتر الخضرجي اسمعه رداً لا يستطيع أن يجرجر نفسه بعده إلى المحاولات اليائسة «يا زول انت فاضي ساي خلينا نشوف معايشنا.. انت زول فارغ ساي وهم كبير يللا شتت من هنا» ولأن عمك يعرف قدرات الخضرجي الموازية لقدراته آثر السلامة.
آخرالكلام:
مسكين عمك (الوهم) يبحث لنفسه عن قالب مجتمعي ومحط انظار.. حتى وإن كان حالة ذلك البائس تحت الشجرة في الزلط الفوق.. والجدية تكتفي منه ببعض ما يتحصل عليه بلسانه من كل واحد منهم..
[/JUSTIFY]
سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]