اسحق احمد فضل الله

من أول الدرب «2»!!


[JUSTIFY]
من أول الدرب «2»!!

.. والحكاية ــ حكاية صلاح ــ مكررة.. نعم.. وحكاية الحكيم.. لكن الحكايات نعيدها لأنها تقول إن الأمر واحد ممتد ــ منذ الستينيات.
.. وصلاح هو صلاح أحمد إبراهيم.
.. وحكايته الأولى هي أن مسابقة عالمية للصراع بين القطط تقام في لندن.
.. والقط السوداني المشعث الشعر البارز العظام من الجوع يلهف القط الأمريكي علقة لها رنين ويجلد بالبريطاني الأرض.. والفرنسي ذيله بين أسنانه يجري.
.. وجاءوا يهنئون السوداني مندهشين.
.. يا لك من قط رائع.
.. والقط هذا يقول
: في الحقيقة أنا لست قطاً ــ أنا… في الحقيقة.. أسد.. لكن قاتل الله المجاعة.
.. صلاح يختصر عصر النميري والسودان بالحكاية هذه.
.. وصلاح يكتب أيام حكومة الصادق يقول إن سفير دولة بيضاء يحدثه ــ السفير ــ أنه هو من يشكل حكومة الصادق ــ ويعين وزراء ويطرد آخرين.
.. وصلاح يتحدى الصادق أن يطرد السفير هذا.
.. والصادق ــ يسكت.
.. والحكاية تختصر عصر الصادق ــ والسودان.
.. وصلاح يكتب أقصر ــ وأروع قصيدة عن السودان ــ و«الثراء.. والعجز».
قال:
«النيل وخيرات الأرض هنالك..
ومع ذلك.. ومع ذلك».
.. هذه هي القصيدة بكاملها.
«2»
.. وأمس ــ حديث للأستاذ أحمد طه «الإنتباهة» يروي فيه قصة رجل من رجال النميري كان يجعل النميري يرقص على إيقاع أغنيات حكومة مصر.
.. والحديث يقود إلى ثمانية عشر وزيراً في حكومة من حكومات السودان ــ كلهم يرجع إما إلى أصول مصرية ــ أو إلى زوجة مصرية.
.. وكلهم يدير السودان على إيقاع مبارك.
.. والحديث يقود إلى تطور حقيقة أن «قيادة السودان ــ عمره كله ــ من الخارج» تتطور الآن إلى حقيقة قيادة السودان من الداخل ــ على إيقاع ــ دولي معين.
.. وزحام أحداث السودان في الشهور الأخيرة قاموسها هو هذا.
.. وزحام الأحداث ما يوجزه هو عراك الإنقاذ.. والدماء على ثياب الإنقاذ.
«3»
.. والمشهد يجعل كثيرين يوقنون أن الإنقاذ.. ذهبت.
.. وما يصنع اليقين هذا هو
.. الإنقاذ الساخنة ــ المهابة ــ تذهب ــ والهيبة الآن تذهب.
.. وشعارات الإنقاذ الساخنة وأغنيات الجهاد ــ والمدائح التي تنطلق من مسجلات العربات المندفعة ــ تذهب.
.. والنفط ــ يذهب.
.. والقيادات العسكرية الضخمة تذهب.. ما بين الطائرات ــ والشهادة ــ والتقاعد.. و… و…
.. والقيادات السياسية الضخمة تذهب.
.. والعيون من الطريق العام ــ تحت الليل ــ تنظر إلى نوافذ عمارات مشروع الإنقاذ.
.. وتحت الليل تجد نافذة بعد نافذة تطفئ أضواءها وتذهب إلى النوم.
.. والعيون بعد أن تتلفت ولا تجد تفسيراً ــ تذهب إلى تفسيرها هي
.. الهزيمة..
.. ولا هزيمة.
«4»
.. الإنقاذ تجد أن «السودان الذي كان مصدر فخر لأبنائه يجعله العجز سخرية يطلقها أبناؤه هؤلاء ذاتهم».
.. والجملة هذه هي بعض ما يرصده كتاب يكتبه المؤتمر الوطني الآن.
.. وبعض العلاج ــ عند الوطني ــ هو اصطحاب الأحزاب من «يحيا الحزب» إلى «يحيا السودان».
.. والمشهد الآن.. كأنه ــ وبدلاً من أن تأخذ الإنقاذ الأحزاب من ضيق الحزب إلى سعة السودان ــ يبدو وكأن الأحزاب تأخذ الإنقاذ من سعة السودان إلى ضيق الحزب.
.. والإنقاذ تصبح حزباً.
.. والسودان الذي تستخدمه الأحزاب «التي لا تنتبه إلى أنها هي ــ في ذاتها ــ تصبح سوطاً لأيدٍ أخرى».
.. سوط الأحزاب كان هو صناعة الفقر.
.. الفقر القديم الذي
: حين توشك الإنقاذ على الإفلات منه ــ تضربها الأيدي الأجنبية.
.. وفي كتابه ــ المؤتمر الوطني الذي يتحدث عن إعادة العزة للسودان يقول
: المواطن يسمع ببطنه أولاً.
.. ومشروعات تطلق ليس لجلب الأموال من الخارج.
.. المشروعات تبدأ بإغلاق مسارب المال.
.. وتغني..
النيل وخيرات الأرض هنالك.
.. ويكفي لعباً.
.. ومؤتمر روتانا ــ هو دقات خشبة المسرح.
[/JUSTIFY]

آخر الليل – اسحق احمد فضل الله
صحيفة الانتباهة
[EMAIL]akhrallail@gmail.com[/EMAIL]