د/ عادل الصادق المكي

بــخٍ.. بــــخٍ.. يا أخا العـرب

[JUSTIFY]
بــخٍ.. بــــخٍ.. يا أخا العـرب

كنت طالبا بالجامعة.. كان كل الطلبة في الداخلية.. وفي إجازة مدتها خمسطاشر يوم.. بيمشوا لي أهاليهم.. واقعد انا ومعاي بعض المتغربين من الوطن العربي.. معظمهم فلسطينين ويمانية وحفنة من الموريتانيين.. وانا كنت السوداني الوحيد.. القاعد اتمطش.. وسط الامة العربية دي..

كانت قد بدت اواصر صداقة تنمو بيني وبين الموريتانيين وكان تواصلي معهم باللغة العربية الفصحي وقد اختاروها للتواصل معهم.. إلى اين انت ذاهب؟ انني ذاهب إلى الحانوت.. هل أحضرت لنا معاك كسيرات من الخبز؟.. نعم أي نوع من الخبز تريدون؟.. نحن نحبذ الخبز العربي.. إنه يذكرننا بالعصر العباسي؟.. وإياك ثم إياك ان تجلب لنا خبز الفرنجة.. انه يذكرننا بخيبتنا في ضياع الأندلس.. واجيب ليهم الخبز العربي.. فيقرضونهو وهم يرددون أشعار أبي تمام وأبي نواس.. وحكاوى الرشيد.. وأبنائه الأمين والمأمون والمعتصم.. وفتح عمورية.. ويصيح أحدهم (واااااا معتصماه.. واااا قدساه)..

وتتملكني الحماسة العربية وأقول له وأنا أربت على كتفه (بخٍ.. بخٍ.. يا أخا العرب.. تا الله بخٍ).. فيردد:

السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ

في حدهِ الحدُّ بينَ الجدِّ واللَّعبِ

ويشيل كتاب التشريح المكتوب باللغة الإنكليزية ويرميهو من الشباك.. وهو يصيح (اليوم خمر وغد امر).. ثم (تالله لو يسمحو لنا بحمل السلاح.. لنبيتن الليلة تحت قبة الصخرة بالقدس الجريح..).

ثم يلتفت إلي والشرر يتطاير من عينيه (أيها العربي السوداني أأنت على استعداد على أن تذهب معنا؟).. أقول له وأنا أقرأ على وجهه ملامح الجدية والإصرار: (أفو!.. دا كلامك؟.. نعم على استعداد يا أخا العرب).. ثم أستدرك وأنا أضمر في داخلي زوغة لا تعقبها زوغة (ولكنني قبل الذهاب علي أن أسافر إلى بلاد السودان وأودع والدي ووالدتي وإخوتي.. ثم أرجع إليكم ونيمم شطر قبة الصخرة).. وإن رجعت ليهم ترجع فيني البندق التشق راسي نصين..

هذه الرواية حقيقية واتضح لي مؤخرا أن زميلي المحارب الموريتاني كان يعاني من مرض نفسي.. وكشفت النضم دا لما شفتو لابس ليهو حجاب في رقبتو (حجاب مجلّد.. واستغربت أن الحجبات وصلت لحدي موريتانيا).. وسألت زملاءه ووضحوا لي المغتغت.. وقد اتهم ذات مرة حبوبتي زبيبة بأنها كانت متآمرة مع شداد والد عنتر ضد ابنها عنتر في عترسة زواجه من عبلة.. وكان يزبد ويرغي وأنا أهدئ فيهو وأدافع عن حبوبتي زبيبة واقول ليهو كانت خايفة من شداد وشداد كان ضافرها.. وهي مرا مسكينة وغريبة وسط بني عبس وجاية من الحبشة لا حبيب لا قريب الله ورقبتا.. وكان يصر دائما أنني من سلالة عنتر بن شداد.. جزاه الله ألف خير.. وغالبا ما يناديني بـ(ابا الفوارس)..

غايتو الزول داك، الله مرقني منو.. ينفخ فيني وينفخ فيني لمن خفت يوم أصدق إني من سلالة عنتر، فتتاورني العنترية واعيق لي زول.. واروح في ستين داهية..!!!!!!

[/JUSTIFY]

الباب البجيب الريح- صحيفة اليوم التالي