مفهوم البطالة
يحكى أن تصريحا صحفيا لوالي ولاية الخرطوم، الدكتور عبد الرحمن الخضر، أثار موجة من الاستياء العام، لاسيما وسط الشباب، وظهر ذلك بشكل جلي في الحراك الكبير الذي شهدته مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك، تويتر، وخدمة واتس آب)، وإطلاق عدد من الهاشتاقات محورها تصريح سيادة الوالي، والذي دعا فيه بحسب الصحيفة كل عاطل بولايته الخرطوم لزيارته في مكتبه حتى يحل له مشكلته؛ نافيا في ذات الوقت أن تكون العطالة مشكلة (مؤرقة) أو بحسب ما يفهم من السياق المتناقل للتصريح وما رافقه من تحليلات وأخبار، وبالرغم من أن مكتب الوالي نفى لاحقا التصريح، مشيراً إلى أن حديث الخضر قد حُرف، إلا أن ذلك لم يغير من واقع (الغضب) شيئا!
قال الراوي: تعريف منظمة العمل الدولية للعاطل يقول: “كل من هو قادر على العمل وراغب فيه، ويبحث عنه، ويقبله عند مسنوى لأجر السائد، ولكن دون جدوى”. فهل ينطبق هذا التعريف على الحالة التي يشهدها السودان الآن والتي يبدو أنها ستستمر يوما إثر يوم في ظل التدهور الاقتصادي المتفاقم؟ من الواضح أن الإجابة لكل ذي بصر ستكون بنعم؛ فبحسبة بسيط ودون أي تعقيدات أو تنظيرات اقتصادية سنجد أن كل بيت سوداني الآن يعاني أحد أفراده إن لم يكن أكثر من فرد فيه من حالة عطالة ممتدة لسنوات طالت أم قصرت.
قال الراوي: والبطالة إلى جانب تأثيراتها الاقتصادية المدمرة لها آثار اجتماعية بالغة السوء ولا تخفى على أحد، فحالة التردي النفسي التي يساق إليها العاطل تؤدي عاجلا أم آجلا إلى شروخ نفسية من الصعب تلافيها في وقت قريب، بداية من تدمير الروح (الخلاقة) للعاطل وانتهاء بزعزعة الثقة بالنفس ومن ثم المجتمع والدولة وتوليد ما يمكن أن نصفه بحالة الانقلاب المفاهيمي؛ التي تدفع المرء إلى الكفر بكل شيء ذي قيمة ومعنى والبحث عن (حلول) يائسة لواقعه، قد تكون ذات أثر تدميري عليه وعلى أسرته ومن ثم على الوطن بأكمله.
ختم الراوي قال: الفساد، المحسوبية، “الواسطة”، سوء الإدارة، العشوائية في التخطيط.. إلخ كل هذا في النهاية يصب في بركة (العطالة) الآسنة!
استدرك الراوي؛ قال: ليس على الوالي نفي التصريح الأخير، بل عليه الجلوس مع (هؤلاء) الشباب والاستماع إليهم، ووضع الخطط الكفيلة مستقبلا لحل مشكلتهم؛ مشكلة العطالة!
أساطير صغيرة – صحيفة اليوم التالي