التغطية مستمرة

كنا حتى الأمس نُقاطع ونُحاصر على (اشتباه) أن علاقتنا مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية فوق المعدل (المسموح به)، أو قل المعمول به في المنطقة، ذلك برغم أن الآخرين الذين يتمهوننا بهذا الغلو يتمتعون بذات العلاقات الدبلوماسية العادية مع طهران.
وربما نتفوق عليهم وعلى مراسيهم بأن ميناء بورتسودان ظل يستقبل في كل عام سفينتين إيرانيتين وفق جدول روتيني تعتمده كثير من الدول، وليس لنا ذنب سوى أن من ضمن السفن التي تأتينا سفن إيرانية.
وربما لو أن هنالك قراراً (عربي جمعي) صادراً عن جامعة الدول العربية بأن لا تستقبل الدول الأعضاء السفن الإيرانية، لكان السودان أول الدول التي لا تستقبل السفن الإيرانية.
أصدقكم القول إن هذا القلم ربما كان من أكثر الذين يناهضون (المذهب الشيعي) ويدركون خطورته وحبائل تمدده وتدخله، غير أن الأمر هنا يتعلق بأشياء أخرى لا علاقة لها بها بالمعتقدات، فالدول الخليجية التي تحاكمنا باستقبال السفن الإيرانية لا تخشى علينا من غزو مذهبي، ولكنها تود منا أن نفعل لا تفعله هي أن نكون ملكيين أكثر من الملك نفسه!
لا أعرف إن كان سيظل (جلد السودان) سارياً والخليج نفسه يدخل في مرحلة تداخل وتواصل غير مسبوقة مع إيران، فالقصة هنا قد فاقت عمليات استقبال السفن إلى عمليات استقبال (رؤساء الشيعة) وملاتها ومللها ومواليها وكبار دهاقنتها!
والقصة بدأت من (سلطنة عمان) التي امتلكت الجرأة لاستقبال السيد روحاني رئيس الجمهورية الإسلامية في زيارة مشهودة مشهورة وعمان يومئذ عضو في دول مجلس التعاون الخليجي.
لم تمض أيام حتى وخرج إلى الفضائيات الأمير الفيصل وزير الخارجية السعودي يعلن عن استعداد المملكة لاستقبال نظيره الإيراني.
ثم توّج كل ذلك بزيارة الأمير الكويتي الجهيرة الشهيرة التي تمت منذ أيام إلى عقر الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كما تابعتها وسائل الإعلام العالمية.
على أن علاقة الدول الخليجية بالجمهورية الإسلامية آخذة في التطور المطرد الذي يفوق كل تصور، فهو أكبر وأسرع مما يتصور كل المتفائلين.
على أن هذا (التهافت) الخليجي الإيراني كان نتاج (صدمة أمريكية) مذهلة، بحيث أن الخليج كان يتصور بأن واشنطن لا محالة ستأتي إلى المنطقة إلى تلقين الشيعة درساً لن ينسوه، دروساً تجعل الأسد يتنحى في الحال والمالكي يتوارى عن الأنظار وطهران.
هذا ما لن ولم تفعله واشنطن في ظل تعهداتها مع طهران وتفاهماتها في ظل وصول المعتدلين إلى الحكم في هذا البلد النووي.
والذي يفترض أن ننتهي إليه من كل هذه المسافات يفترض أن الخرطوم بعد اليوم لا (تخنق) بمجرد استقبال سفينة إيرانية وعواصم تستقبل الملل الكبار.
يفترض أن تبحث تلك الدول عن جريرة أخرى تعاقب لأجلها الخرطوم ولعمري لن تعدم جريرة.
ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]