أبشر الماحي الصائم

يسقط الرئيس القادم


[JUSTIFY]
يسقط الرئيس القادم

*في مثل هذه الأيام من العام قبل الفائت كنت ضمن عشرين صحافياً سودانياً نخضع لدراسة مهنية تحريرية بمركز دراسات الأهرام بالقاهرة، بحيث تزامنت زيارتنا مع مراسم تنصيب الرئيس المنتخب محمد مرسي، لم يملك الأستاذ حسن أبو طالب رئيس المركز يوم التنصيب إلا أن يعطل المحاضرة ومن ثم ينصب شاشة كبيرة على بهو القاعة لنتابع فعاليات أداء القسم للرئيس.
*ما أشبه الليلة بالبارحة، في ذات الأيام وقبيل شهر الصيام يتكرر المشهد مع تغيير في البطولة، رئيس جديد يؤدي اليمين الدستورية أمام الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية، ولا نعرف بعد عامين من الآن ما الذي يحدث، فالحكم بيد الله يهبه لمن يشاء وينزعه ممن يشاء.
*لاحظت يومئذ أن كل الأساتذة والمحاضرين الذين مروا علينا بالكاد معتقلون في تجربة (هيكل وعبد الناصر)، فلا تمضي المحاضرات والمساقات إلا في حضرة ذكرى الرجلين.
*في إحدى المحاضرات سألت الرجل المحاضر وأظنه الأستاذ صلاح منتصر صاحب مجلة المصور الشهيرة، الذي أشرف من ذكر الرجلين (ناصر وهيكل) سألته..
*هل اكتسب هيكل سطوته الإعلامية من أدبيات علاقته التاريخية بالرئيس عبد الناصر، أم لممارسة مهنية محكمة وزاخرة للرجل هيكل، ومتى التقى الرجلان لأول مرة، هل تنصح بتكرار هذه الثقافة وترسيخها بين ناشئة الإعلاميين العرب وروادهم في أن يؤسسوا لعلاقات باهرة بالسلطة كما هيكل وعبد الناصر، علماً بأن اقتراب الإعلامي بالسلطة في هذا الزمان يحاط بكثير من الظنون والهواجس!
*ولقد طرب الرجل منتصر طرباً كبيراً، لا لعبقرية السؤال، ولكن ربما لأن محاور السؤال قد لامست أوتار زهوه وطربه، فهيكل وعبد الناصر أسطورتان لا تنتهيان فصولهما قريباً.
*قال الرجل (شوف يابني.. انت ايش اسمك) قلت البشير حتى لا أدخل في تراجيديا أبو البشر، شوف يا أبو البشر سئل عبد الناصر هذا السؤال، لماذا هيكل دون الصحفيين المصريين الآخرين؟ قال عبد الناصر: لأن كل الصحفيين كانوا يسألوننا عن الأحداث والأخبار، ونحن في المقابل كنا نسأل هيكل عن الأخبار..
*التقى الرجلان قبل الثورة بعام، يقول هيكل وكان رئيساً لهيئة تحرير الأهرام عام 1951م انتبهت إلى ضابط كان يدخل مكتبي في ذلك التوقيت يسأل عن كتاب لأحد القوميين العرب، وقد أخذ الكتاب وخرج من مكتبي ولم يخرج عن ذاكرتي واهتمامي، إنه – فيما بعد – الرئيس جمال عبد الناصر، وقيل إن هيكل كان الرجل الوحيد الذي يدخل على عبد الناصر دون أن يأخذ إذناً من أحد..
*أبحث عن عبد الناصر – والحديث لمؤسسة الملاذات الآمنة الجناح الإستراتيجي – ليس في مصر ولكن في كل الأمصار العربية فلا أجده، وأبحث عن هيكل جديد في (إعلام رجال الإعمال المصريين) الذي يبالغ في التهريج فلا أجده.. والشيء بالشيء يذكر، سألت يوماً الراحل الناصر الشاعر أبو آمنة حامد عن عبد الناصر فقال لي يرحمه الله إن كل الرؤساء بعد ناصر شينين!
*أرجو أن لا نجلس بعد عام واحد لمتابعة أداء قسم جديد، على أن الإعلام المصري قد بالغ في رفع سقف التوقعات للرئيس السيسي على أنه هو لا غيره المخلص الذي ستحل كل الأزمات بمجرد إطلالته..
*على الأقل إن هنالك شعباً يذهب إلى المائة مليون نسمة يحتاج خبزاً ووقوداً وطاقة واستقراراً.
*وفي ظرف ثلاث سنوات عاشت مصر دراما أربعة رؤساء، رئيس مخلوع هو مبارك، ومعزول هو مرسي، ومؤقت، ورئيس منتخب لدرجة الدوار التي دفعت أحد المواطنين يهتف بميدان التحرير.. يسقط يسقط الرئيس القادم..
*حفظ الله مصر شعباً وأرضاً وحضارة ووجهة..

[/JUSTIFY]

ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]