“الباحثون” عن الحقيقة
# يجتهدون في سبيل تحقيق العدالة كيفما كانت.. يلهثون وراء الحقائق والأدلة لتوضيح الملابسات وتوفير الإنصاف اللازم.. يعملون في أسوأ الظروف وأفضلها.. وبأقصى الإمكانيات وأقلها.. سيان لديهم الأزمنة والأمكنة والأحوال.
لا يألون جهداً في التخفي والمراقبة والملاحقة.. فقط من أجل اكتمال الصورة.. يعملون في صمت.. بعيداً عن الأضواء.
صمتهم هذا عنوان موهبتهم، لذلك ربما تمضى إنجازاتهم المتلاحقة دون أن تسترعي انتباهنا مهما عظمت.. وعظمت أبعادها في حياتنا.. أشعر بأنهم مظلومون لأننا نقصيهم عن دائرة تقديرنا ونتهمهم أحياناً بالتقاعس ونسيء الظن بمجهوداتهم.
إنهم (رجال المباحث الجنائية).. هل توقفتم يوماً لتقييم طبيعة عملهم.. وما يقومون به لأجلنا وأجل البلاد.؟
# لقد كنت مثلكم.. أمر عليهم مرور الكرام.. والصورة الذهنية في خاطري لا تتجاوز ذلك المخبر صاحب النظارة السوداء والجريدة!! وكنت أحسبهم لا يجيدون عملا سوى ملاحقة الناس بصورة مفضوحة.. ولكن الصدفة وحدها هي التي جعلتني قريبة من وقائع قضية مصرفية شهيرة مؤخراً.. ظننت حينها أن الفاعل عبقري بصورة مذهلة.. هيأت له جريمة كاملة سيرفل في نعيمها ما تبقى له من عمر.!! وماهي إلا أيام حتى علمت أن رجال المباحث قد وضعوا يدهم عليه وعلى المبلغ الكبير جداً.!!
ولا أذيعكم سرا إن قلت إن الأمر قد فاجأني وخيب ظنوني السيئة.. فبدأت أراقب عن كثب هؤلاء الرجال الذين وجدتهم على درجة كبيرة من الرقي والفهم والإحساس بالمسؤولية.. وتجاوز عدد الجرائم التي قاموا بإماطة اللثام عن حقيقتها مؤخراً المئات ما بين سرقة واحتيال ومال عام وسلاح ومخدرات وتهريب وأمن دولة وقتل وأذى جسيم وغيرها مما سقط سهوا.
# يعملون حقا في صمت.. ولكن وفق خطط مدروسة وتحركات دقيقة.. يعملون بروح الفريق وبترتيب محكم ونظام متكامل.
لا يقتصر عملهم على التسكع والمراقبة المتهاونة كما يظن البعض.. ولكنهم مكلفون برفع تقارير علمية ومنطقية هادفة تخدم العدالة بدرجة كبيرة جداً وتعد من أساسياتها.
علما بأن شرطة المباحث الجنائية قد نصبت (وصيا) على العمل الجنائي حسب القرار الصادر من مكتب المدير العام لقوات الشرطة.
ولا يقتصر عملها على الشكل التقليدي الحاضر في أذهاننا والذي تطرقنا له.. ولكنه يتسع كدائرة تشمل العديد من الإدارات منها (مباحث الولاية- الأنتربول – حماية المستهلك البيئة السلاح الوطني- غسيل الأموال ودائرتا الشؤون العامة وشؤون الولايات).. ولكم أن تتخيلوا نوعية المهام المتعلقة بكل دائرة حسب المسميات التي تشير لشمولية وخطورة عمل المباحث التي تتضمن بالضرورة كافة الجرائم المتعلقة بالسيارات والمصارف والمطارات والضرائب…إلخ.
إنهم يهدفون دائما للتفاكر حول كيفية تطوير بيئة العمل لتخدم الحقيقة بشكل أفضل.. ويرغبون في تحسين الصورة الذهنية وتوطيد العلاقة بينهم وبين المواطن حتى يدرك أن العمل بينه وبينهم يجب أن يكون متكاملا وعلى قدر كبير من التعاون والاحترام لأنهم في الأساس يرغبون في خدمته وتأمينه والحفاظ على أمنه وسلامته وتماسك مجتمعه.
# هؤلاء الصامتون يستحقون منا رفع القبّعات والشد على الأيادي، فالحقيقة أنهم رغم معيناتهم وإمكانياتهم الضعيفة تمكنوا من اكتشاف حقائق عددا.. أعادت البسمة للشفاه وطردت شبح الحسرة والخوف والقلق عن عيون الكثيرين.
ونأمل بدورنا أن يجدوا حظهم الكافي من الدعم والتدريب والتشجيع والتقدير ليتجاوزوا الصورة التقليدية ويبدأوا في التطوير الذاتي لمواهبهم وما يتميزون به من ذكاء ومهارات وسرعة بديهة.
علما بأنهم معرضون دائماً للمخاطر.. أولها الاستنكار والتطاول والأذى النفسي.. وآخرها الإصابة التي قد تودي بالأرواح.
وتعالوا نتفق معا على ألا نخاف من رجل المباحث ولا نتجنبه.. وألا نغلف علاقتنا معه بالعداء والنفور.. فهو بالأخير يسعى لتقديم خدمة أمنية تعنينا بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ولا يريد منا أكثر من التعاون والقليل من المودة والتقدير.
# تلويح:
من الشعب ألف تحية.. لرجال (المباحث الجنائية).!!
[/JUSTIFY]إندياح – صحيفة اليوم التالي