تحرش أم جنون جمعي؟
يحكى أن من أكثر الأخبار الصادمة خلال الأيام الماضية مثلها فيديو متداول على قنوات ومحطات الأخبار العالمية ومواقع التواصل الاجتماعي عرف بمسمى (واقعة تحرش جنسي في ميدان التحرير)، والواقعة حدثت في مصر في يوم تنصيب الرئيس الجديد عبدالفتاح السيسي، ويظهر الفيديو تحرشا جماعيا (وحشيا) يصل إلى مستوى الاغتصاب يمارسه مجموعة من الشباب ضد فتاة وحيدة يقومون بتعريتها أمام (الكل) ويتسابقون للنهش من جسدها في منظر مقزز يدعو للتساؤل مليون مرة عن أي دوافع يمكن أن تقود أمثال هؤلاء لممارسة هذا الفعل غير المعقول والذي لا يمكن أن تجد له تفسيرا منطقيا بإدراجه تحت التوصيفات الجنسي على شاكلة (الكبت الجنسي)!
قال الراوي: أن يمارس عدد من الرجال هذا الفعل الغريب ضد امرأة وحيدة وبهذه الوحشية الهمجية في حين تأخذ مجموعة من الرجال موقف المتفرج والمراقب و(المصور) دون أن تبادر أي مبادرة لإنقاذ الضحية، فإن الأمر وبهذا الشكل يخرج من كونه مجرد اشتهاء شهواني أنتجته عوامل الكبت الجنسي ليدخل في حيز (الجنون)؛ جنون مجتمعي، جنون نوعي، جنون اضطهاد، جنون أخلاق، إلخ أنواع الجنون.
قال الراوي: هل تعكس واقعة الاغتصاب الجماعية في ميدان التحرير (الموثقة) صورة المرأة في الذهنية (الشرقية)؟ هل يفسر هذا العنف الشهواني المريض ما تمثله المرأة في هذه الذهنية؟ هل يعني الجسد (جسدها المشتهي) كل شيء بالنسبة للرجل وما دونه لا اعتراف به؟ هل تدلل هذه الحادثة من جهة من الجهات على مدى التخلف الذي تحياه هذه (الشعوب) التي منتهى طموح (رجالها) ملامسة (جسد) امرأة عارية وإن كانت مسحولة تحت الأقدام؟ وهل ما أظهره (الفيديو) من تعرٍ يعري هذا الواقع الفصامي الذي تحياه هذه الشعوب (من الخليج إلى المحيط)!
قال الراوي: المرأة بعد قراءة متأنية لهذه الحادثة ولحوادث أخرى مشابهة لها في مصر أو غيرها من بلدان المحيط؛ لا تعدو أن تكون مجرد (كائن) دوني يرفض المجتمع (الذكوري) الاعتراف بكينونته وتقديره والاعتراف بوجوده الإنساني، المرأة لدى هذه المجتمعات مشروع جسداني متصل لا نهاية له؛ ينفتح على أبواب العار والاغتصاب والإكراه، يدخل الجنة ويولج النار، لكنه هكذا أبدا في الحضيض!
ختم الراوي؛ قال: ما نحتاجه ثورة معرفية تجرف كل هذا الغثاء والقرف!
استدرك الراوي؛ قال: يا للنساء!
[/JUSTIFY]أساطير صغيرة – صحيفة اليوم التالي