منصور الصويم

الطريق إلى سمرقند.. و”الشبع الجميل”


[JUSTIFY]
الطريق إلى سمرقند.. و”الشبع الجميل”

يحكى أنّ مسلسل “الطريق إلى سمرقند”، عُرض في زمن بعيد من أزمنة السودان القديم؛ في شهر رمضان أيام (الشبع الجميل). المسلسل كان جميلا، ومُشبعا دراميا؛ أداءً وقصة وإخراجا وإنتاجا، وكان من بطولة هناء ثروت ومحمد العربي وآخرون. وحكى أحدهم كان طفلا وقتها أنهم كانوا يتابعون هذا المسلسل بشغف عجيب، حتى أنهم أدمجوه من شدة الحب في لغتهم الطفولية السرية (الراندوك)، فكان حين يريد أحدهم مناداة شقيقه أو صديقه لوجبة (الفطور) مثلا النهارية الخاصة في رمضان، يخرج رأسه من فرجة الباب، وينادي: “يا فلان الطريق إلى سمرقند”، وكان بعض الأطفال يفهمون (الكنتة) والبعض الآخر يظن أن حلقة الأمس من المسلسل تعاد الآن فيتبلبل.

قال الراوي: مرت رمضانات كثيرة وعرضت مسلسلات كثيرة حكى من كان طفلا وظل “الطريق إلى سمرقند” دلالة وعلامة على الوفرة ورخاء العيش في أوانه، وأوان الصواني التي تخرج متنافسة إلى (ضراء الفطور) الرمضاني، قبيل الأذان بقليل، ومتابعو “الطريق إلى سمرقند” الصغار يتعاونون في حملها الصواني والأصغر جدا يحملون أواني (الموايات) متعددة الألوان، والزمن شبع، ورمضان رخاء وبهجة.

قال الراوي: رمضان كريم، في ذلك الوقت والآن، وفي الزمن الآتي بهيا بإذن الله، هذا برغم المعاناة المتضاعفة التي تواجه أطفال الأمس الذين صاروا رجال اليوم، وتحول رحلتهم الشائقة من (إلى سمرقند) إلى سوق الخضار والجزار و(العدة) والسكر والدقيق والزيت والكهرباء ومعاناة المواصلات والأسعار التي ترتفع وترتفع وترتفع دون أن يتراءى لها ولو في البعيد سقف كفاية.

قال الراوي: رمضان كريم، وإن اختفت الصواني متعددة الأصناف، ورمضان كريم وإن تقلصت (المويات) إلى نوع واحد أحمر اللون، ونوع آخر لا لون له ولا طعم، رمضان كريم وإن تدلل الحلو مر على البعض وظهر هنا واختفى هناك، وغطى نصف الشهر عند ناس وربعه لدى آخرين، رمضان كريم (برضو) ولو اكتفى الصائمون بجرعة ماء وبضع بلحات و.. بس.

ختم الراوي؛ قال: ببركة الشهر الفضيل ستنصرم أيام الصيام رغما عن الفقر والغلاء والندرة وترشيحات فقر الدم الجماعية.

استدرك الراوي؛ قال: تصوموا وتفطروا والحال (سمرقند).
[/JUSTIFY]

أساطير صغيرة – صحيفة اليوم التالي