عبد اللطيف البوني
ارهاب القطن وكباب الصمغ
لقد كان القطن والصمغ محفوفين بقدر من القدسية والرهبة وقد يكون هذا مبرراً لأنهما المحصولان اللذان يرفدان الخزينة العامة بالدولارات ويسيران دولاب الدولة، أما مزارعو القطن والذين يطقون الصمغ ليس لهما إلا الاحتساب. ثم دارت الأيام وظهر الأسود (النشوان) وأصبح هو الذي يرفد الخزينة بكل الذي فيها تقريباً وما تبقي يأتي عبر التوأم (القطن والصمغ) ولكن جماعات المصلحة والشركات والمؤسسات القائمة على الصمغ والقطن ظلت تواصل ارهابها وتطالبنا بعدم الاقتراب من هذين المحصولين المقدسين.
أنظروا لما حدث بعد قرار مجلس الوزراء القاضي بالغاء امتياز شركة الصمغ العربي وتحرير تجارته، لقد قامت الدنيا ولم تقعد وكان التهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور، واذا تساءلنا ماذا قدمت هذه الشركة للخزينة العامة أو للمنتج الاول سنجد ان الامر مخيب ومخجل، فهل يعلم القارئ العزيز ان ما يدخله الصمغ من دولارات للخزينة العامة أقل بكثير مما يدخله الذرة والسمسم، أما الثروة الحيوانية فان عائد الجلود فقط يضاعف عائد الصمغ والقطن مجتمعين عدة مرات، فكل الفرق ان للقطن والصمغ سدنة الأمر الذي لا يتوافر للمحاصيل الأخرى، فعندما أصدرت الدولة قراراً بعدم تصدير الذرة مثلاً نوقش الأمر بكل عقلانية وبلغة السوق لأنه لا يقف على محصول الذرة بيروقراطيون لهم امتيازات وحركات وبركات.
الدولة أقرت سياسة التحرير ورغم تحفظ البعض على ذلك إلا انه يجب على الدولة ان تمضي فيها للنهاية حتى لا تكون هناك ازدواجية في النشاط الاقتصادي، فلا يمكن ان تكون المدخلات من سوق محدد وبأسعار جزافية والبيع لسوق محدد والدولة تحارب الاحتكار ثم ثانياً لم تستطع شركة الصمغ ان توقف التهريب، فكل دول الجوار اليوم تقريباً تصدر الصمغ حتى التي لا توجد فيها شجرة هشاب واحدة. الشركة لم تقدم خدمات تذكر للمنتجين الاوائل، فمناطق انتاج الصمغ من أكثر مناطق السودان تخلفاً وبؤساً وفقراً بينما مكاتب الشركة (ترقش) بالأثاثات الفاخرة و(خليك من الحاجات التانية) فلماذا يحتكر لها الانتاج؟
حديثنا أعلاه لا يقلل من قيمة الصمغ أو القطن أو أي محصول آخر لا بل القطن والصمغ من المحاصيل التي يمكن ان يحظى فيهما السودان بأفضلية في السوق العالمي قد لا تتوافر لغيره، ولكن السياسات المتبعة في انتاجهما أورثت المنتجين الفقر والجوع والمرض وأعطت الاداريين والوسطاء والبيروقراطيين القائمين عليهما أوضاعاً (مريحة)، لذلك أصبحا محصولين منزوعى الفائدة الاقتصادية و(البركة) لذلك عندما وجد مزارعو القطن أول فرصة للتخلص منه رموه وراء ظهورهم، وسيكون هذا مصير الصمغ لذلك يمكن أن يكون الغاء الإمتياز محاولة جادة لانقاذ هذا المحصول وان شاء الله سيعود القطن، ولكن بسياسات ووجوه جديدة (تاني ريدة وكمان جديدة) بلا أول بلا إرهاب بلا لمة.
صحيفة الرأي العام – حاطب ليل
العدد(22688) بتاريخ (21/5/2009)
aalbony@yahoo.com
الأستاذ الجليل البوني
لك التحية والود
أحسب أنك وفقت في في تحليلك لما الت اليه الأمور وتحديدا فيما يختص بالصمغ العربي .. شركة الصمغ العربي ظلت ولفترات طويلة جدا تحاول الخروج من بوتقة القرارات التعسفية والبيروقراطية للتحرر والخروج من ذلك النفق المظلم ولكن للأسف الشديد ظلوا ( الجلابة) الوجهاء ذوو البدل الكلاسيكية يلعبون أدوار من الظاهر والباطن في عملية قتل تلك المنظومة التي فيما لو وجدت إدارة حكيمة لكانت تحمل رقم 1 في عائدات الدولة من العملة الأجنبية . ليس دفاعا عن الرجل الذي تجمعني به صداقة حميمة أعتز بها ولكن الأخ متوكل بكري مدير الصمغ العربي من القيادات التي يعتز ويتشرف بها الفرد السوداني في الداخل والخارج بما يحمله من علم حصيف وكفاءة عالية ولكن حتى ذلك الشاب المهذب ظل ذوو العمم العالية يحاربوه بما أتاهم الله من قوة .سيدي الكريم نحن بحاجة ملحة وماسة الى الشفافية في التعاطي مع الأمور والبعد عن الحزبية والمصلحة الشخصية والبيروقراطية
لك مني كل الود والحب
د. القاسم عبد العظيم