عبد اللطيف البوني

ماتخجلي


[ALIGN=CENTER]ماتخجلي[/ALIGN] عندما وقعت أحداث 11 سبتمبر 2001م أعلنت الادارة الامريكية حربها على ما سمته الارهاب، وجعلت كهوف افغانستان البائسة هدفاً لصواريخها وحممها الفتاكة، ثم فيما بعد قررت غزو العراق، فأختارت فرية وجود أسلحة دمار شامل ودخلت العراق على عينك يا مجلس الأمن. تركيا اعتادت على دخول شمال العراق بحجة مقاتلة حزب العمال الكردستاني، فكان في كل مرة دخولها معلناً، أما اسرائيل فإنها تعمل عملتها ثم تعلن انها فعلت ما فعلت من أجل حماية أمنها، حدث هذا في سوريا والسودان والآن وقفت تشاد في الصف وها هو وزير دفاعها يعلن ان بلاده قد قصفت أراضي سودانية وجاهزة الآن لدخول قواتها البرية لمطاردة المتمردين الذين كانوا قد توغلوا في الاراضي التشادية (كذا مرة).
شاهدنا في الرمية أعلاه (البجاحة وقوة العين) في الاعلان عن الدخول في أراضي الغير بغض النظر عن الدوافع لا بل حكم القوي على الضعيف، فأمريكا (حقرت) بأفغانستان والعراق لأنها الأقوى بكل مقاييس القوة المادية وكذا تركيا بالنسبة للعراق واسرائيل، ولكن ما بال التشاد؟ هل لديها القوة التي تكافيء أو حتى تقارب القوة السودانية؟ أم ان الحكاية فيها مدد تقيل؟ فارق القوة بين أي بلدين يقاس بمعايير معروفة من حيث عدد القوات وتسليحها وتدريبها بالاضافة لعناصر قوى الدولة الاخرى من مساحة واقتصاد وعدد سكان وتعليم وكل الذي منه، فمع وافر احترامنا (لجارتنا وبت حارتنا البنريدها) فلا توجد مقارنة بين البلدين وان كان لابد منها في كل الوجوه لصالح السودان والتاريخ القريب يثبت ذلك، اذ منذ خروج المستعمر الفرنسي من تشاد ظل السودان هو الذي يرسم خارطتها السياسية، فالذي استجد الآن هو عودة ذلك المستعمر الذي أراد استعادة أملاكه القديمة.
حسناً فعل السودان بعدم الاستجابة للاستفزازات الصادرة من تشاد وقراره بضبط النفس فأية مواجهة بين البلدين سيكون السودان هو الذي يدفع الثمن حتى ولو أباد كل القوة التشادية التي واجهته، فالانسان في هذه الحالة ليست له قيمة، كما ان الفاتورة ستكون مدفوعة من القوة التي تقف خلف الستارة وهذه سوف تعتبر المسألة مجرد تجريب لاسلحتها المكدسة في المخازن والاهم من ذلك ان العلاقة بين الشعبين علاقة غير عادية وستعود لطبيعتها بمجرد زوال العارض علما، بأنها اصلاً لم تتأثر إلا بظروف الحرب والاضطرابات.
ربما شعر السودانيون بالمهانة من هذا التطاول ولكن تصرفات الدولة ينبغي ان تحكمها المصلحة العليا ويجب ان تسبقها القراءة الواعية والمتفهمة للحدث بحيث لا تجعل الغير يحدد لك اجندتك، فالذي بين تشاد والسودان حتماً امر مؤقت وعارض وطارئ ولا جذور له وسيزول بزوال المسببات الخارجية له، فمن هنا نبدأ – أي – التوجه لهذه المسببات الخارجية والعمل على محاصرتها وليغني الشعبان (غدا نكون كما نود ونلتقي عند الغروب غدا تجف مدامعي وغدا حبيبي حتما يؤوب) رحم الله سيد خليفة وكل فنانين السودان الذين سلفوا والباقين على قيد الحياة، فالشعب التشادي الشقيق لا يعرف فناني غيرهم وفنان تشاد الأول اشهر أغنية له تقول (خلاص كبرتي وليك تسعتاشر سنة عمر الزهور عمر الغرام عمر المنى اتمنى يوم تجمعنا جنة حبنا تبقى الاميرة ودا البزيد حبي انا وما تخجلي يالسمحة قولي استعجلي)، فيا فرنسا ساركوزي ما تخجلي وتبطلي اللعب بالعيال ومع العيال.. وآخر دعوانا اللهم ببركة الجمعة الجامعة والدعوى العند الله سامعة هدي سر البلدين وانزع فتيل الأزمة بينهما وارجعهما الى ما كانا عليه من تواصل وتداخل وتعايش سلمي.

صحيفة الرأي العام – حاطب ليل
العدد(22689) بتاريخ (22/5/2009)
aalbony@yahoo.com


تعليق واحد