هيثم كابو

الحوت مادحاً

الحوت مادحاً
[JUSTIFY] * (محمود عبد العزيز يظهر في قناة “ساهور” عبر مدائح مصورة.. والله فعلاً حاجة غريبة.. يا جماعة محمود والمديح النبوي ما بتلموا وما تغشوا الناس ساكت.!!).. تلك كانت هي الكلمات التي علق بها العم عمر الفاتح قبل ست سنوات عند رؤيته للراحل محمود عبد العزيز مادحاً على شاشة قناة “ساهور”، وتساءلنا في خواتيم مقال أمس: هل ظلم الرجل محمود.. أم أن حديثه كان يمثل وقتها كبد الحقيقة؟ وهل دخل محمود هذه التجربة طمعاً في المال مثل كثير من الفنانين مما دفع الفنان الراحل محمد وردي إلى إطلاق تعليقه الشهير (إنهم يمدحون حُباً في المال لا حُباً في الرسول (صلى الله عليه وسلم) والعياذ بالله- .؟!
* قبل أن نجيب على الأسئلة التي طرحها العم عمر الفاتح، ووعدنا بتضميد جراح استفهاماتها اليوم، لابد لنا من وقفة تعريفية للمدائح النبوية، فالدكتور زكي مبارك يرى أنها (فن من فنون الشعر التي أذاعها التصوف، فهي لون من التعبير عن العواطف الدينية، وباب من الأدب الرفيع لأنها لا تصدر إلا عن قلوب مفعمة بالصدق والإخلاص)، ومفهوم المديح النبوي حسب التعريفات المتداولة أنه ذلك الشعر الذي ينصب على مدح النبي (صلى الله عليه وسلم) بتعداد صفاته الخلقية وإظهار الشوق لرؤيته وزيارة قبره والأماكن المقدسة التي ترتبط بحياته، مع ذكر معجزاته المادية والمعنوية ونظم سيرته شعراً والإشادة بغزواته وصفاته المثلى والصلاة عليه تقديراً وتعظيماً كما يرى جميل حمداوي.!
* هل بدأت علاقة محمود عبد العزيز بالمديح بقناة “ساهور”؟ وإذاعة “الكوثر” وظهور منظمة “المبرة” الخيرية.. وهل هذا الشاب لم يعرف التصوف ومعناه قبل ميلاد تلك المؤسسات.؟ من لا يعرف الراحل “الحوت” وسيرته جيّداً سيجيب بنعم، وقد يكون له ألف حق في إجابته تلك باعتبار أن محمود اشتهر في خواتيم التسعينات ومطلع الألفية الثالثة بأحداث وحوادث وتفلتات عديدة ودخل السجن، ثم خرج شادياً من بعد ذلك.. ولكن ما يجب أن يدركه الجميع أن محمود من النوع الذي يبكي خوفاً وفزعاً إن تحدث الناس أمامه عن سيرة المصطفى (صلى الله عليه وسلم)، وفي الوقت الذي كان فيه الناس يختارون لأبنائهم أسماء (موضة) عندما رزق محمود بولدين (توأم) في عام 1993 عمرهما الآن واحد وعشرين عاماً لم يتردد إطلاقاً في تسميتهما بـ(حمزة والعباس) وأحسب أن تلك دلالة و(نفحة) لا يمكن تجاوزها، ووقتها لم تخرج “ساهور” للنور ولم يعرف الناس إذاعة “الكوثر” إطلاقاً، واستمر ذلكم المد عندما أطلق (الحوت) على أبنائه التوأم اسمي (حاتم وحنين) اللذين رزق بهما قبل سنوات عدة، ثم جاءت من بعد ذلك ابنته (القصواء)، وما أدراكم ما (القصواء) و(ناقة النبي المأمورة).!!
* نعم، جدل واسع أثارته تجربة محمود مع مدح المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، لذا سبق لي أن فتحت معه هذا الملف الشائك، وسألته عن أسباب خوضه تجربة المديح.. وكيف ينظر لها.. وما هو تعليقه على تحفظات بعض الناس عليها، وما مدى صحة الاتهام الذي يقول إنهم يمدحون حُباً في المال.؟
* دافع محمود يومها عن نفسه، وقال إن حب النبي (صلى الله عليه وسلم) متجذر في دواخله وهنالك حس روحاني ونفحة دينية هي التي دفعته لخوض التجربة التي دخلها عن حب وإيمان وقناعة، وقال إنه قبل أن يمدح كان يذوب ولهاً عندما يسمع (أولاد البرعي) في أحد المدائح النبوية، وأضاف بأنه إذا كان الفنان غير مرتبط روحانياً بالمدائح فمن الأفضل ألا يقوم بأدائها.!!
* لم ينف محمود يومها صحة حديث وردي، واعترف بشجاعة يحسد عليها أن هناك عددا كبيرا من الفنانين ولجوا لعوالم المديح النبوي في السنوات الماضية (حُباً في القروش)، بل زاد على ذلك بأن هناك بعض الإداريين بإذاعة “الكوثر” وقناة “ساهور” دخلوا هذا المجال حُباً في المال والمناصب وهم أبعد ما يكونون عن حب المصطفى (صلى الله عليه وسلم)، مشيراً إلى أن القصة برمتها أخذت تتجه نحو المناحي التجارية، وعاب محمود على “ساهور” في ذلك الوقت (صرفها البذخي) فيما يخص الاحتفالات والإنتاج.. الأمر الذي لا يتسق مع مشروع تعظيم المصطفى (صلى الله عليه وسلم)، مدللاً على ذلك بقوله تعالى: (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ…).!
* أعجبني حديث محمود وقتها بأنه من أكثر عيوب “ساهور” و”الكوثر” أنهما سعتا لجذب المطربين عبر (المال)، كما قدّرت اعترافه الواضح بأنه أثناء فترة عمله بـ”الكوثر” و”ساهور” عرف أشياءا كثيرة لم يكن يعلمها عن السيرة النبوية والصفات الإلهية، ولكن الواجب والضمير يُملي عليه قول رأيه بصراحة ووضوح.!!
* ما سبق كان محاولة للإجابة على سؤال: (هل محمود والمديح النبوي خطان متوازيان لا يلتقيان.؟؟) وأحسب أن القول الفصل متروك لكم في تقييم تجربة (أبو حمزة والعباس) مع مدح المصطفى (صلى الله عليه وسلم) وقد وقفتم الآن على بعض تفاصيل حياته ورؤيته للمديح والدوافع التي جعلته يخوض التجربة.
* آلاف الأكف التي ارتفعت للسماء ضراعة بأن يمُن المولى سبحانه وتعالى على محمود بالعافية، ثم ختمات القرآن الكريم التي أقيمت له إبان فترة مرضه، وتشييعه المهيب والفاتحة التي قرأها الملايين على روحه.. كلها صور ذات دلالات عديدة، وتعكس نقاء دواخل هذا الفتى الأسطوري الذي فجعنا برحيله.!
* اللهم ارحم عبدك محمود ببركات هذا الشهر الفضيل، وتغمده بواسع رحمتك.
نفس أخير
* (ﺧﻠﻲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻳﻮﺻﻞ ﻭﺻﻮﻝ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺩﻱ ﺑﺘﺤﺐ ﺍﻟﻨﺒﻲ
ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺩﺍ ﺑﻴﺤﺐ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ
ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺑﻠﺪﻧﺎ ﺻﻼﺓ ﻭﺳﻼﻡ
ﻟﻲ ﻃﻪ ﻟﻲ ﻫﺎﺩﻱ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ
ﻳﺎ ﻛﻞ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﻟﺮﺳﻢ
ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺷﺮﻗﻲ ﻏﺮﺑﻲ
ﺡ ﺗﻠﻘﻲ ﺷﻌﺒﻨﺎ بالاسم
ﺃﻛﺘﺮ ﺑﻠﺪ ﻋﺎﺷﻖ ﺍﻟﻨﺒﻲ)..

[/JUSTIFY]

ضد التيار – صحيفة اليوم التالي